للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[دلائل ربوبية الله]

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

قال الله عز وجل في سورة العنكبوت: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ * وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ * فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ * لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [العنكبوت:٦٣ - ٦٦].

يخبرنا الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات وما قبلها عن دلائل ربوبيته سبحانه، وأنه وحده الرب الخالق الفعال لما يريد سبحانه، فإذا كان هو الرب الذي يخلق ويرزق وينزل من السماء ماءً فيحيي به الأرض بعد موتها، ويعلم ذلك الكفار كما يعلمه المسلمون، فليكن هذا الإله الواحد سبحانه هو الذي يعبد ليس غيره؛ ولذلك يبكت الله سبحانه هؤلاء المشركين ويقرع آذانهم بهذه الآيات، قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [العنكبوت:٦١] فإذا كانوا يقولون: الذي سخر الشمس والقمر، والذي خلق السماوات وما فيها، والأرض وما عليها هو الله سبحانه الذي خلق كل شيء وهم يعرفون ذلك، فلماذا ينصرفون عن توحيده؟ ولماذا يعبدون غيره ويشركون به؟ {فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [العنكبوت:٦١] يعني: تعجب من انصرافهم عن توحيد الله -الذي عرفوا أنه الإله وحده- إلى عبادة غيره.

قال تعالى: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [العنكبوت:٦٢] الله يوسع ويبسط لمن يشاء، ويضيق على من يشاء، {وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى} [النجم:٤٨] سبحانه وتعالى، أغنى: أعطى الغنى، وأعطى المال، وأعطى السعة، وأقنى: أفقر سبحانه وتعالى.

فالله يغني من يشاء، ويفقر من يشاء، ويعطي من يشاء، ويمنع من يشاء، وهو الذي بيده ملكوت كل شيء سبحانه، وهم يعرفون ذلك، فلماذا صرفوا عن توحيده وعن عبادته؟ فعجباً لهم!! قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [العنكبوت:٦٣] وهذا شيء يشاهدونه ويعرفونه، فالأرض تكون مجدبة لا نبات فيها ولا ماء عليها، فيسألون الله سبحانه ويدعونه؛ فينزل من السماء ماءً، فإذا بالأرض تخرج زرعها وتخرج ثمارها؛ فيأكلون ويشربون ويتنعمون، ثم يشركون بالله ويجعلون رزقهم أنهم يكفرون بالله، ويستبدلون شكر الله سبحانه كفراً به.

قال الله سبحانه: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا} [العنكبوت:٦٣]

الجواب

{ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} [العنكبوت:٦٣] شهدتم على أنفسكم، الحمد لله على نعمه وفضله، الحمد لله: الثناء الجميل على الله عز وجل بما هو أهل له من صفات كمال وجمال وجلال.

{قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} [العنكبوت:٦٣] أحمده تبارك وتعالى على ذاته وكماله وصفاته سبحانه، وأشكره على آلائه ونعمائه: {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} [العنكبوت:٦٣] يعني: يمشون في الأرض وينظرون إلى نعم الله وآياته فلا يفهمون أنه هو الذي يستحق العبادة وحده، فينصرفون عن توحيده، قال تعالى: {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالأَنْعَامِ} [الفرقان:٤٤] لا عقول لهم يفهمون بها: {بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} [الفرقان:٤٤].

<<  <  ج:
ص:  >  >>