قال سبحانه:{يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ}[الشعراء:٢٢٣].
قوله تعالى:{يُلْقُونَ السَّمْعَ}[الشعراء:٢٢٣] صفة لهؤلاء الشياطين أنهم يسترقون السمع من السماء، فيلقونه إلى أصحابهم من الكهان من أهل الأرض.
وقوله تعالى:{وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ}[الشعراء:٢٢٣] يعني: كلام الشياطين أكثره كذب، وقد يكون فيه شيء من الصدق، ولم يجعل الله كل كلامهم كذباً؛ لكي يبتلي العباد.
ولو أن الله عز وجل أمر العباد بألا يسرقوا وبغض في قلوبهم السرقة، ولا يوجد في قلب الإنسان حب للمال، فالإنسان لن يسرق.
ولو أنه قال: لا تزنوا، ولم يجعل عند الإنسان شهوة، فلن يزني؛ لأنه لا يوجد عنده شهوة أصلاً، ولكن يخلق بداخله الشهوة ثم يهذبها له، ثم يأمره بفعل الحلال ويحذره من الوقوع في الحرام، فهذا هو محل الاختبار: هل سيطيع الإنسان ربه أو سيعصيه سبحانه؟ وكذلك الشياطين أكثرهم كاذبون، ولكن بعض الأخبار قد تكون أخباراً صادقة على النحو الذي ذكرناه من أنهم يسمعون خبراً من الملائكة وينزلون به إلى الأرض، فيشاء الله أن يحرقهم قبل أن ينزلوا بهذا الخبر، وقد ينزل الخبر قبل إحراق هؤلاء الشياطين، فينزل الخبر الصدق، ويزيدون عليه أكاذيب كثيرة، فأكثرهم كاذبون.