[نبذة وجيزة عن دولة سبأ]
كانت سبأ دولة من الدول قبل الإسلام بأكثر من ألف عام، واستمر الملك للتبابعة فيهم بعد ذلك إلى قبل الإسلام بفترة وجيزة تصل إلى مائة وخمسة عشر عاماً، ثم حدثت أشياء ذكرها أهل التواريخ، والله أعلم بما كان فيها.
فالغرض أن ملك التبابعة كان موجوداً هناك إلى قبل الإسلام.
والتبابعة من أحفاد سبأ أيضاً.
ويطلق لقب (تبع) على كل من ملك اليمن وحضرموت يقول الحافظ ابن كثير: كانت العرب تسمي كل من ملك اليمن مع الشحر وحضرموت (تبعاً)، كما يسمون ملك الشام مع الجزيرة (قيصراً)، ومن ملك الفرس يسمونه بـ (كسرى)، ومن ملك مصر يسمونه (فرعون)، ومن ملك السودان والحبشة يسمونه (النجاشي)، ومن ملك الهند يطلقون عليه (بطليموس)، فهذه ألقاب يطلقونها على الملوك التي كانت تملك هذه الأماكن، ولهم أسماء غيرها.
ومن جملة الملوك الذين ملكوا أرض سبأ في يوم من الأيام الملكة بلقيس، فقد ملكتها في عهد سليمان النبي على نبينا وعليه الصلاة والسلام.
فقد رجع الهدهد بعدما تأخر عن سليمان وأخبره أنه وجد هؤلاء القوم يسجدون للشمس من دون الله، وأنه وجدهم تملكهم امرأة ولها عرش عظيم.
قال: {وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ} [النمل:٢٤].
ثم أسلمت بلقيس مع سليمان لله رب العالمين.
وأما هؤلاء القوم فقد كانوا قبل ذلك.
وقد ذكر الله سبحانه تبارك وتعالى في أمرهم أنه قال لهم: {كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} [سبأ:١٥] أي: هذا رزق عظيم دار عليهم، فكلوا من هذا الرزق الذي أعطاكم الله، واشكروا له سبحانه تبارك وتعالى.
فالرزق من الله ليس منكم أنتم، فاشكروا له، فهو الرزاق سبحانه، فقد أعطاكم هذه البلدة الطيبة، وهو الرب العظيم الغفور.
فقد كانت بلدتهم بلدة طيبة، ليست أرضاً طينية ولا أرضاً رملية، وفيها ما شاء الله عز وجل من الثمار والنبات، وقد أعطاهم الله فيها خيراً عظيماً وفيراً، فكانوا يأكلون ويشربون ويتنعمون، وقد كان هواؤها هواء طيباً، حتى إنهم ليقولون: إن الهوام كانت لا تعيش في هذه الأماكن من طيب هوائها، ومن طيب منبتها، فكانت من طيب هوائها لا توجد فيها العقارب والأشياء الخبيثة التي تؤذي.
قال الله عز وجل: {بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} [سبأ:١٥]، وهذه نعمة عظيمة جداً من الله سبحانه، فكان المفترض في هؤلاء أن يشكروا نعم الله سبحانه تبارك وتعالى، وأن يعبدوه حق العبادة.