ذكر الله تبارك وتعالى في هذه الآيات ما حدث في غزوة الأحزاب -الخندق- التي كانت في العام الخامس من هجرة النبي صلوات الله وسلامه عليه، وكانت غزوة عظيمة جداً، وفيها معجزات وكرامات، وكانت من أشد الأيام على المسلمين.
أراد الله سبحانه وتعالى أن يعلم المسلمين أن النصر إنما هو بيد الله سبحانه وليس بيد الخلق، فإن نصر المؤمنون دين الله عز وجل نصرهم من حيث لا يحتسبون.
ولقد اجتمع الناس على المسلمين من كل مكان، فجاءت قريش بحدها وحديدها ومعهم غطفان واليهود ليحاربوا النبي صلى الله عليه وسلم، فكان من النبي صلى الله عليه وسلم أن استشار المؤمنين ما الذي يصنع مع هؤلاء؟ فأشاروا عليه بآرائهم، وأشار سلمان برأي عظيم، وهو أن يُصْنَعَ خندق بينهم وبين الكفار، فسميت هذه الغزوة بغزوة الخندق لحفرهم خندقاً بينهم وبين الكفار؛ فإنهم لا يقدرون على محاربة الكفار، لأن عدد الكفار عشرة آلاف أو يزيد، وعدد المسلمين ثلاثة آلاف، والكفار جاءوا مستعدين من كل مكان، فكان الحل في ذلك هو ما أشار به سلمان رضي الله تبارك وتعالى عنه أن يحفروا خندقاً بينهم وبين الكفار.
ونزل الكفار إلى جانب جبل أحد، ونزل المسلمون إلى جانب جبل سلع من المدينة، وبدأ الكفار يستعدون لقتال المسلمين، ففوجئوا بهذا الخندق الذي بينهم وبين المسلمين، فلا يقدرون أن يعبروا إلى المسلمين.