[إخبار الرسول عن لحوق قبائل من أمته بالمشركين وعبادة الأوثان قبل قيام الساعة]
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:(ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين) يعني: ليس واحداً ولا اثنين لكن سيلحق كثير بالمشركين، فيا ترى هذا حاصل وإلا ليس بحاصل؟ كم يحصل من المسلمين ممن يتسمى بأسماء المسلمين وينبهر بما يزعم بأنها حضارات الكفار فيدعوه إلى ما يدعوه إليه هؤلاء، يقول: أنا علماني، وفي البداية كان يستحيي الواحد منهم أن يقول: أنا علماني، وكانوا يقولون: إن معنى علماني يعني: علم التكنولوجيا وعلم كذا، يعني: لا دخل لي بالدين، أما الآن فيصرحون بأنهم علمانيون، يعني: لا دخل لي بالدين، فهذه امرأة لبنانية سئلت على قناة فضائية: ما دينك؟ قالت: لا دخل لك بديني أنا علمانية، يعني: هي لا تؤمن بالغيب، ولا تصدق الكتب السماوية، هذا الذي يقولونه الآن، فهؤلاء انسلخوا عن دينهم، وهم الذين أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم أنهم يذهبون إلى الكفار حيث قال:(ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان) يعني: أن هذه الأمة سيكون منها أقوام يعبدون الأوثان من دون الله سبحانه وتعالى، فترجع الجاهلية مرة ثانية، ومن يزعم من المسلمين أنه غير ممكن أن ترجع الأمة إلى الجاهلية فهذا مكذب بما يقوله النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أول هؤلاء الجاهليين الذين يدعون الناس إلى صناعة الأصنام وإلى التماثيل، وإلى أنه لا مانع من هذه الأشياء، وأن الدين لا يحارب هذه الأشياء ولا ينهى عنها، مع كثرة الأحاديث التي أتت عن النبي صلى الله عليه وسلم في المنع من ذلك، والإخبار بأن الناس سيرجعون في يوم من الأيام لعبادة الأوثان من دون الله.
أما عبادة القبور فقال:(اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد) يتعوذ بربه سبحانه أن يكون قبره وثناً يعبد، وقال:(لا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك) فإذا بهم الآن ينادون بمثل ذلك، ويخرج بعضهم على الناس ويقول: الصوفية هي الحل، والرجوع إلى اتخاذ القبور في المساجد هذه سنة النبي صلى الله عليه وسلم، يقولون: هؤلاء أماتوا السنة أماتهم الله، ويقولون: لعنة الله على الكذابين، ويقولون: أو ما قبر النبي صلى الله عليه وسلم بداخل المسجد؟ نقول: والله ما أمرهم بذلك، ولا كان قبره بداخل المسجد، إنما كان قبره في حجرة عائشة خارج مسجده صلى الله عليه وسلم، فلما ضاق المكان وسع المسجد فكان عذراً، فكيف يقاس حال غير العذر على حال العذر؟! والنبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن أن تتخذ القبور مساجد، فقال:(لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد إني أنهاكم عن ذلك) فقد حذرهم النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك.
فقول النبي صلى الله عليه وسلم:(اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد) يدل على أن القبور قد تعبد من دون الله، وذلك بأن يذهب إلى القبر ويقول: يا سيدي فلان أعطني كذا، يا سيدي فلان اعمل لي كذا، نقول: هذا الذي لا يطلب إلا من الله سبحانه وتعالى، فيقول: ماذا عليك عندما تطلب من رجل صالح ورجل ولي ورجل كذا حاجتك؟ لا مانع من هذا الشيء، نقول: أين الأحاديث التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الشيء؟ هناك أحاديث كثيرة جداً في الصحيحين وفي غيرها تبلغ حد التواتر فيها النهي عن هذا الشيء، فتراه لا يستطيع أن يرد هذه الأحاديث، لكن يقول: أنتم غير فاهمين معاني هذه الأحاديث، نقول: نحن غير فاهمين معانيها؟ وكل العلماء السابقين وأبناء الأمة غير فاهمين معانيها، حتى جئت أنت وأمثالك ففهمتم معانيها ووضحتموها؟! نقول: النبي صلى الله عليه وسلم حذر أن يتخذ قبره وثناً يعبد صلوات الله وسلامه عليه، وحذر أن تتخذ القبور في المساجد، وأن تبنى المساجد على قبور.
وهؤلاء الذين يعبدون القبور من دون الله سبحانه وتعالى، يتشدق أحدهم ويقول: أين تذهبون بالحديث الذي فيه أن أبا دجانة أو أبا بصير بني على قبره مسجداً؟ نقول: من أين جئت بهذا الحديث؟ فيقول: هذا الحديث ورد بإسناد صحيح، أقول: ارجعوا إلى كتاب (تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد) حتى تعرفوا درجة هذا الحديث، وتعرفوا كلام الألباني عالم الحديث في هذا الحديث؛ حتى لا يخدعكم أحد في دين الله سبحانه وتعالى، فيخرج كذاب يكذب على الناس ويقول: الحديث في الصحيح، وهو غير صحيح وغير موجود في الصحيح، والبحث في الأحاديث كان شاقاً جداً، أما الآن فالبحث فيها سهل ويسير عن طريق (الكمبيوتر)، ولو فرضنا أن هذا الحديث ورد بإسناد صحيح فكيف وقد عارضه (أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بأيام ذكرت له أم حبيبة وأم سلمة كنيسة رأتاها في الحبشة وفيها تصاوير فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً، ألا إني أحذركم ذلك، وقال: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، ألا إني أنهاكم عن ذلك) فحذر عند وفاته من ذلك، فكيف يلغى ما يقوله النبي صلى الله عليه وسلم ويقال: إن أبا بصير بني على قبره مسجداً؟! نسأل الله العفو والعافية.