يخبرنا الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات عن المكذبين الذين كذبوا النبي صلى الله عليه وسلم فجعلهم الله عز وجل عبرة لغيرهم، كالذين من قبلهم لما كذبوا المرسلين أتاهم العذاب من عند رب العالمين.
قال سبحانه:{حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ}[المؤمنون:٦٤]، أي: المنعمين منهم، {بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ}[المؤمنون:٦٤]، والعذب الذي كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن عذاباً عاماً؛ لأن الله سبحانه قال للنبي صلى الله عليه وسلم:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}[الأنفال:٣٣]، ولكن كان عذاباً لمجموعة من الناس بالقتل، قالوا: إنه لم يمنع عنهم المطر ولم يصابوا بالقحط، حتى دعا النبي صلى الله عليه وسلم عليهم وقال:(اللهم أعني عليهم بسبع كسني يوسف)، فلما جاءهم مثل هذا العذاب جأروا لله عز وجل، ودعوا واستغاثوا بالنبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو لهم ربه ليكشف عنهم الذي هم فيه، كما ذكر الله عز وجل في سورة الدخان:{إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ * يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنتَقِمُونَ}[الدخان:١٥ - ١٦]، فقد أخبر أنه سيرفع عنهم العذاب قليلاً من قحط وعدم نزول المطر، ومن جوع، ومن شدة، حتى يرجعوا ويؤمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولكن الله عز وجل أخبر عنهم، {إِنَّكُمْ عَائِدُونَ}[الدخان:١٥]، أي: إلى غيكم وإلى ضلالكم ولن ينفعكم ذلك.
قال سبحانه:{لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنصَرُونَ}[المؤمنون:٦٥]، وهذا فيمن كتب الله عز وجل عليهم الشقاوة، وأنهم سيعيشون على الكفر ويموتون عليه، فمنهم من قتل يوم بدر ومنهم من أخذه الله عز وجل بعد ذلك.