[تفسير قوله تعالى: (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة)]
قال تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء:٤٧].
ويوم القيامة يعرض ويظهر ما كان خفياً في الدنيا.
وأعمال العباد التي كانت معنوية صارت مجسدة حقيقية يوم القيامة، وتوضع فوق الميزان، وكل إنسان له ميزانه، قال تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء:٤٧]، أي: الموازين العادلة، والموازين جمع ميزان.
والقسط مصدر، ولذلك يوصف به المفرد، فيقال: الميزان القسط، ويوصف به المثنى، فيقال: الميزانان القسط، ويوصف به الجمع فيقال: الموازين القسط؛ لأن القسط مصدر، فيوصف به في الإفراد والتثنية والجمع بنفس الصورة.
قال تعالى: ((وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ)).
{وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ} [الأنبياء:٤٧].
وحبة الخردل أقل الحبوب وزناً.
قرأها نافع وأبو جعفر (وإن كان مثقالُ)، وقرأها الجمهور: ((وإن كان مثقالَ حبة))، أي: وإن كان عملك مثقال حبة.
وعلى القراءة الأخرى: (إن كان مثقالُ حبة من خردل) يكون المعنى: وإن وجد مثقال حبة من خردل.
{أَتَيْنَا بِهَا} [الأنبياء:٤٧]، فهذه أقل الأعمال لا يضيعها الله عز وجل، كما قال تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه} [الزلزلة:٧ - ٨].
قال سبحانه هنا: {أَتَيْنَا بِهَا} [الأنبياء:٤٧]، أي: أحضرناها في يوم القيامة.
{وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء:٤٧]، وأنت لن تقدر أن تحسب ما يحسبه الله سبحانه، ولا أن تعد ما يعده الله سبحانه وتعالى.
قال تعالى: {وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء:٤٧]، أي: نحسب عليكم أعماركم وأعمالكم وأقوالكم ونواياكم، ونحسب عليكم كل ما صنعتم ونحاسبكم ونجازيكم عليه الآن.
نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.