للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (ويبين الله لكم الآيات والله عليكم حكيم)]

قال تعالى: {وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النور:١٨] أي: يوضحها لكم لئلا يكون لكم حجة على الله سبحانه بعدما بين ووضح {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النور:١٨] يقول هشام بن عمار: سمعت مالكاً يقول: من سب أبا بكر وعمر أدب، ومن سب عائشة رضي الله عنها قتل.

هذه فتوى الإمام مالك رحمه الله، وأبو بكر الصديق أفضل أصحاب النبي صلوات الله وسلامه عليه، ومنزلته منزلة عظيمة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لو كنت متخذاًَ خليلاً لاتخذت أبا بكرٍ خليلاً) وإيمانه لو وزن بإيمان الأمة ليس فيها النبي صلى الله عليه وسلم لرجح إيمان أبي بكر على الأمة، فيقول مالك: لو أن إنساناً سب أبا بكر رضي الله عنه فإنه يستحق أن يعزر وأن يؤدب، وكذلك عمر رضي الله وتعالى عنه.

وأما من سب عائشة -يعني: بالإفك- فيستحق القتل، فما الفرق بين الاثنين؟ الفرق أن أبو بكر الصديق رضي الله عنه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهو رجل فاضل من المؤمنين، فالإنسان الذي يقذفه يكون فاسقاً وكذاباً يستحق الحد الذي ذكر الله في الكتاب.

لكن الذي يقذف عائشة فهذا مكذب بكتاب الله سبحانه، فربنا أنزل براءة عائشة رضي الله عنها في القرآن، فلما يأتي إنسان يرميها بذلك كالشيعة أو كالمجرمين منهم الذين يرمونها بذلك فهنا ربنا سبحانه وتعالى يشهد عليهم بأنهم كاذبون، فلذلك أفتى الإمام مالك: أن من يسبها -يعني يرميها بهذه الفاحشة- فإنه يستحق القتل.

ثم قال الله سبحانه وتعالى: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النور:١٨] حكيم بما يشرعه لكم؛ ليردعكم وليؤدبكم، ولتنتهجوا منهج الله سبحانه وتعالى في أمره ونهيه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>