سفيان بن عيينة سئل عن فضل العلم فقال: ألم تسمع قوله حين بدأ به {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ}[محمد:١٩]؟ يعني: فضل الله العلم حين بدأ بالعلم، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم وقال:((فاعْلَمْ))، وأول ما بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بوحي من السماء قال:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}[العلق:١]، ولقد فضل الله عز وجل عباده أن خلق لهم عقولاً يعون بها ويعقلون ويعلمون بها فيعملون، فقال: ألم تسمع قوله حين بدأ به أي بالعلم {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ}[محمد:١٩]؟ فأمر بالعمل بعد العلم.
والاستغفار ينفع العبد؛ لأنك علمت من الذي تستغفره، وعلمت من هو ربك بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، فهو الله الغفور فتستغفر وأنت موقن أنه سيغفر سبحانه تبارك وتعالى.
قال سبحانه:{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ}[الحديد:٢٠]، إلى أن قال:{سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ}[الحديد:٢١]، فاعلم وبعد ذلك سابق إلى المغفرة بعدما تعلم أن الدنيا لعب ولهو.
فبعدما أعلمكم الله سبحانه تبارك وتعالى بأمر الأزواج قال في سورة أخرى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ}[التغابن:١٤]، فاحذروا هذه الأصناف.
وقال:{اعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ}[الأنفال:٤١]، فعلمكم الله عز وجل ثم قسم هذه الصدقات على ما ذكر الله سبحانه تبارك وتعالى، فأمر بالعمل بعد العلم.
فالإنسان ليعمل لابد أن يعلم، وقبل أن تصلي لابد أن تعلم ما هي الصلاة، وكيف تتقرب بها إلى الله عز وجل، وكيف تأتي بشروطها وأركانها وأفعالها وهيئاتها وسننها، فالعلم ثم العمل، وكذلك في كل العبادات وفي كل المعاملات وفي كل شيء تفعله في دين الله عز وجل عليك أن تتعلم ثم تعمل.