لقد ذهب اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: ألا تكلم الله وننظر إليك إن كنت نبياً، فقد كان سيدنا موسى يكلم الله، وأنت أيضاً كلم الله وأرنا كيف تكلمه من أجل أن نصدق أنك نبي.
واليهود قوم أصحاب حيل وأكاذيب وافتراءات، فقد كانوا يطلبون من موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام أموراً من المحالات، وقد عرفوا ربهم سبحانه، ومع ذلك يقولون:{اجْعَل لَنَا إِلَهًا}[الأعراف:١٣٨]، وكأنهم يقولون: دعنا من هذا الذي في السماء، واعمل لنا إلهاً هنا أمامنا حتى نراه، فقال لهم موسى:{إِِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ * إِنَّ هَؤُلاءِ}[الأعراف:١٣٨ - ١٣٩] الذين يعبدون الأصنام {مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الأعراف:١٣٩].
قال تعالى:{قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا}[الأعراف:١٤٠]، فسكتوا عن هذا الشيء إلى أن مشى موسى عليه الصلاة والسلام ليكلم ربه، فلم يقولوا: نأتي معك لنسمع كلام رب العالمين سبحانه، وإنما جاءوا يطلبون ذلك من النبي صلوات الله وسلامه عليه.
ولما ذهب موسى للقاء ربه سبحانه صنع لهم السامري عجلاً من ذهب، فعبدوه من دون الله وقالوا: هذا إلهكم وإله موسى، وموسى قد نسي، فقد ذهب ليرى الله والله موجود هنا، لا حول ولا قوة إلا بالله! فهؤلاء اليهود المجرمون -لعنة الله عليهم- يذهبون إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون: إن موسى قد كلم ربه، فكلم أنت أيضاً ربك حتى نرى وحتى نصدق ونؤمن بما جئت به، فأنزل الله سبحانه:{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ}[الشورى:٥١].