للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[نصر الله للمؤمنين بالحجة والبيان وبالسيف والسنان]

إن نصر الله يأتي في الدنيا بتضحيات وبتعب ومشقة على الإنسان، وبجهد يبذله في طاعة الله سبحانه وتعالى، فوعد الله حق ينصر دينه، وإذا نصر المؤمنون دين الله سبحانه فمنهم من يتوفى قبل تمام النصر، ويقاتل فيقتل في سبيل الله، ومنهم من يهاجر، ومنهم من يؤذى في سبيل الله، ومنهم من يقاتل فينتصر، فالنصر يأتي للدين مع التضحيات، مع وجود هؤلاء جميعهم: الذين أوذوا، والذين هاجروا، والذين قتلوا، والذين قاتلوا وانتصروا، فالنصر في النهاية لهم، قال سبحانه يعد المؤمنين: ((إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا) وهذه قراءة الجمهور: (رُسُلَنَا)، وقراءة أبي عمرو: ((إِنَّا لَنَنصُرُ رُسْلَنَا)) بتسكين السين فيها، (وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) أي: في الدنيا ينصرهم ويكون لهم التمكين وإعلاء شأنهم، فالنصر يكون بالسيف، ويكون النصر بالحجة والبيان، الحجة من الله سبحانه وتعالى؛ لأنه ليس في كل زمن يكون الانتصار بالسيف وبالقوة، ولكن الانتصار قد يكون بالحجة، وهذا حاصل في كل زمان، فقد أعطى الله عز وجل المؤمنين المعجزة العظيمة: القرآن الكريم، وأعطاهم الحجج البينة التي تدوم مع دوام هذا الدين إلى أن تقوم الساعة.

فالله عز وجل ينصر رسله وطائفة من المؤمنين إلى قيام الساعة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم، حتى يقاتل آخرهم الدجال)، فلا يزال من المؤمنين طائفة ينصرها الله سبحانه، وهم المتمسكون بدين الله سبحانه أهل السنة والجماعة، أهل هذا القرآن العظيم الذين تمسكوا به وبسنة النبي صلى الله عليه وسلم وعملوا بذلك، ولم يضرهم المخالفون وإن كثروا، فهم مع قلتهم تمسكوا بدين الله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (طوبى للغرباء)، هؤلاء الغرباء الذين يتمسكون بدين الله وبكتاب الله، وبسنة النبي صلى الله عليه وسلم، هم أهل الله سبحانه، فهم أهل السنة والجماعة، ينصرهم الله، ويمكن لهم في يوم من الأيام.

أما التمكين بالحجة وباللسان وبقوة البيان فهذا حاصل دائماً، طالما أن المؤمن متمسك بكتاب الله وبسنة النبي صلى الله عليه وسلم فالله ينصره ويؤيده؛ لأن معه الحق وهو كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم.

قال تعالى: ((إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)) وكذلك ننصرهم: ((ويَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ))، والمؤمن الذي قتل في الدنيا ينصره الله في الدنيا بالانتقام ممن قتله، وبالانتقام من الظالم الذي ظلمه، فهذا نصر الله له في الدنيا، قال الله سبحانه وتعالى وقد نهى عن قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا} [الإسراء:٣٣].

إذاً: ينصر الله المؤمن الذي يقتل في سبيله سبحانه وتعالى، بأن يجعل لوليه سلطاناً فينتصر في يوم من الأيام، ويقتص من هذا الظالم الذي قتله بغير حق.

<<  <  ج:
ص:  >  >>