للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الهادي في ظلمات البر والبحر]

قال الله تعالى: {أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [النمل:٦٣] أي: من الذي يهديكم؟ ولا يعرف هذه النعمة العظيمة إلا من تاه وضل الطريق، فقد يدخل بسيارته الصحراء، ثم يتوه ولا يعرف طريق العودة، فينظر يميناً وشمالاً، ويقول: يا رب يا رب، فيدله الله عز وجل بمطلع الشمس على المشرق، وبغروبها على المغرب، وبالنظر في النجوم يعرف الشمال من الجنوب، وهكذا يستدل بأشياء خلقها الله عز وجل فيعرف طريقه، وقد يرسل الله إليه من يدله، كأن يجد إنساناً أمامه، فيسأله فيدله على طريق النجاة، بعد أن ضل يوماً أو يومين في هذا المكان، فمن الذي هداه ودله على هذا الذي دله على الطريق؟ إنه الله سبحانه وتعالى.

وقوله تعالى: {أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [النمل:٦٣]، في الظلام الدامس، فقد يكون الإنسان في البحر يقود سفينة وفجأة لا يعرف أين يذهب، والله سبحانه وتعالى ينير بالقمر مكاناً؛ حتى يعرف هذا الإنسان طريقه، أو ربما تتعطل السفينة في البحر، وتتوقف أجهزتها عن العمل، والنور ينطفئ ولا يستطيع من في السفينة أن يرو شيئاً، وإذا بالله يلهمهم كيف يصلحون العيب الذي فيها، ويضيء لهم ربهم سبحانه وتعالى بعد ظلمة شديدة، وإذا بهم يتناسون ربهم الذي دعوه قبل ذلك.

فقوله: يهديكم، أي: بالدلالات على المشرق والمغرب، والشمال والجنوب، {فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [النمل:٦٣].

<<  <  ج:
ص:  >  >>