للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الاعتماد على الله وحده]

وإبراهيم لا يستنصر إلا بالله سبحانه وتعالى، روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (حسبنا الله ونعم الوكيل، قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار).

ولاحظ قوله: (حين ألقي في النار) فإنهم لم يستطيعوا أن يقربوه إلى النار ثم يدفعوه فيها؛ لأنها ليست ناراً بسيطة، فلو اقتربوا منها لاحترقوا.

فدلهم الشيطان على المنجنيق، وأول ما صنع المنجنيق في هذا الوقت، والمنجنيق: آلة رافعة، فوضعوا فيها إبراهيم عليه السلام وألقته في الجو ليقع في النار.

قال ابن عباس رضي الله عنه فيما رواه البخاري: (وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران:١٧٣]).

فهذه الكلمة كلمة عظيمة، والكون كله يريد أن يدافع عن إبراهيم عليه السلام، السماوات والأرض والدواب والملك المسئول عن المطر، والملائكة التي بين السماء والأرض، فكلهم يريدون الدفع عن إبراهيم عليه السلام، وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه ابن ماجة عن عائشة مرفوعاً: (لم تبق يومئذ دابة إلا أطفأت عنه النار، إلا دابة واحدة وهي الوزغ، فإنها كانت تنفخ عليه) وهي نوع من الأبراص، لكنها نوع سام.

ولذلك كان يقتلها النبي صلى الله عليه وسلم ويسميها الفويسقة ويأمر بقتلها، يقول ابن عباس: (إلا الوزع كانت تنفخ عليه؛ فلذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلها).

وقالوا: كان عمر إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار ستاً وعشرين سنة، صلوات الله وسلامه عليه.

وروى البخاري عن ابن عباس قال: كان آخر قول إبراهيم حين ألقي في النار: حسبنا الله ونعم الوكيل.

هذه الكلمة العظيمة التي أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنين، وقال تعالى: {فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة:١٢٩].

ومعنى: حسبي، أي: كافيّ، وكأنها جواب من إبراهيم عليه السلام على الكون كله، وكأنه يقول لإبراهيم: ندافع عنك، والجواب من إبراهيم: لا، الله سبحانه وتعالى هو الذي يكفيني وحده فقط، فأنجاه الله تبارك وتعالى.

فإذا بإبراهيم حين يلقى في النار يقول: حسبي الله ونعم الوكيل، يريد نصر الله السريع له.

<<  <  ج:
ص:  >  >>