إِضَافَةُ تَمْيِيزٍ لَا مِلْكٍ. وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى فَوَائِدِ الْمَتْنِ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(تَنْبِيهٌ): الْحَفْيَاءُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ بَعْدَهَا يَاءٌ أَخِيرَةٌ مَمْدُودَةٌ، وَالْأَمَدُ الْغَايَةُ. وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ: الثَّنِيَّةُ لِلْعَهْدِ مِنْ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ.
٤٢ - بَاب الْقِسْمَةِ وَتَعْلِيقِ الْقِنْوِ فِي الْمَسْجِدِ
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: الْقِنْوُ الْعِذْقُ، وَالِاثْنَانِ قِنْوَانِ، وَالْجَمَاعَةُ أَيْضًا قِنْوَانٌ، مِثْلَ صِنْوٍ وَصِنْوَانٍ
٤٢١ - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ ﵁ قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِمَالٍ مِنْ الْبَحْرَيْنِ فَقَالَ: انْثُرُوهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَ أَكْثَرَ مَالٍ أُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ جَاءَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ، فَمَا كَانَ يَرَى أَحَدًا إِلَّا أَعْطَاهُ. إِذْ جَاءَهُ الْعَبَّاسُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنِي، فَإِنِّي فَادَيْتُ نَفْسِي وَفَادَيْتُ عَقِيلًا. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: خُذْ. فَحَثَا فِي ثَوْبِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اؤْمُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ إِلَيَّ. قَالَ: لَا. قَالَ: فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَيَّ. قَالَ: لَا. فَنَثَرَ مِنْهُ، ثُمَّ ذَه بَ يُقِلُّهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اؤْمُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ عَلَيَّ. قَالَ: لَا. قَالَ: فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَيَّ. قَالَ: لَا. فَنَثَرَ مِنْهُ. ثُمَّ احْتَمَلَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى كَاهِلِهِ، ثُمَّ انْطَلَقَ، فَمَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُتْبِعُهُ بَصَرَهُ - حَتَّى خَفِيَ عَلَيْنَا - عَجَبًا مِنْ حِرْصِهِ. فَمَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَثَمَّ مِنْهَا دِرْهَمٌ.
[الحديث ٤٢١ - طرفاه في: ٣١٦٥، ٣٠٤٩]
قَوْلُهُ: (بَابُ الْقِسْمَةِ) أَيْ جَوَازِهَا، وَالْقِنْوُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ النُّونِ فَسَّرَهُ فِي الْأَصْلِ فِي رِوَايَتِنَا بِالْعِذْقِ، وَهُوَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ الْعُرْجُونُ بِمَا فِيهِ. وَقَوْلُهُ: (الْاثْنَانِ قِنْوَانِ) أَيْ بِكَسْرِ النُّونِ وَقَوْلُهُ: (مِثْلُ صِنْوٍ وَصِنْوَانٍ) أَهْمَلَ الثَّالِثَةَ اكْتِفَاءً بِظُهُورِهَا.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ يَعْنِي ابْنَ طَهْمَانَ) كَذَا فِي رِوَايَتِنَا وَهُوَ صَوَابٌ، وَأُهْمِلَ فِي غَيْرِهَا. وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ ابْنُ طَهْمَانَ فِيمَا أَحْسَبُ بِغَيْرِ إِسْنَادٍ. يَعْنِي تَعْلِيقًا. قُلْتُ: وَقَدْ وَصَلَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجِهِ وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ، وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ عِدَّةَ أَحَادِيثَ.
قَوْلُهُ: (عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ) كَذَا فِي رِوَايَتِنَا، وَفِي غَيْرِهَا عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ غَيْرُ مَنْسُوبٍ، فَقَالَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ: قِيلَ: إِنَّهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْبُخَارِيُّ فِي الْبَابِ حَدِيثًا فِي تَعْلِيقِ الْقِنْوِ، فَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: أَغْفَلَهُ، وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: أُنْسِيهِ. وَلَيْسَ كَمَا قَالَا، بَلْ أَخَذَهُ مِنْ جَوَازِ وَضْعِ الْمَالِ فِي الْمَسْجِدِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وُضِعَ لِأَخْذِ الْمُحْتَاجِينَ مِنْهُ. وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَبِيَدِهِ عَصًا وَقَدْ عَلَّقَ رَجُلٌ قَنَا حَشَفٍ فَجَعَلَ يَطْعَنُ فِي ذَلِكَ الْقِنْوِ وَيَقُولُ: لَوْ شَاءَ رَبُّ هَذِهِ الصَّدَقَةِ تَصَدَّقَ بِأَطْيَبَ مِنْ هَذَا وَلَيْسَ هُوَ عَلَى شَرْطِهِ وَإِنْ كَانَ إِسْنَادُهُ قَوِيًّا، فَكَيْفَ يُقَالُ: إِنَّهُ أَغْفَلَهُ؟ وَفِي الْبَابِ أَيْضًا حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ ثَابِتٌ فِي الدَّلَائِلِ بِلَفْظِ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ مِنْ كُلِّ حَائِطٍ بِقِنْوٍ يُعَلَّقُ فِي الْمَسْجِدِ يَعْنِي لِلْمَسَاكِينِ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: وَكَانَ عَلَيْهَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ أَيْ عَلَى حِفْظِهَا أَوْ عَلَى قِسْمَتِهَا.
قَوْلُهُ: (بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute