وَإِمَّا مِنْ سُوءِ الْفَهْمِ.
قَوْلُهُ: (فَبِعِ التَّمْرَ بِبَيْعٍ آخَرَ ثُمَّ اشْتَرِ بِهِ). فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: وَلَكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِيَ التَّمْرَ فَبِعْهُ بِبَيْعٍ آخَرَ ثُمَّ اشْتَرِهِ، وَبَيْنَهُمَا مُغَايَرَةٌ؛ لِأَنَّ التَّمْرَ فِي رِوَايَةِ الْبَابِ الْمُرَادُ بِهِ التَّمْرُ الرَّدِيءُ وَالضَّمِيرُ فِي بِهِ يَعُودُ إِلَى التَّمْرِ، أَيْ: بِالتَّمْرِ الرَّدِيءِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ، أَيْ: اشْتَرِ بِهِ تَمْرًا جَيِّدًا، وَأَمَّا رِوَايَةُ مُسْلِمٍ فَالْمُرَادُ بِالتَّمْرِ الْجَيِّدُ، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: ثُمَّ اشْتَرِهِ لِلْجَيِّدِ. وَفِي الْحَدِيثِ الْبَحْثُ عَمَّا يَسْتَرِيبُ بِهِ الشَّخْصُ حَتَّى يَنْكَشِفَ حَالُهُ. وَفِيهِ النَّصُّ عَلَى تَحْرِيمِ رِبَا الْفَضْلِ. وَاهْتِمَامُ الْإِمَامِ بِأَمْرِ الدِّينِ وَتَعْلِيمُهُ لِمَنْ لَا يَعْلَمُهُ، وَإِرْشَادُهُ إِلَى التَّوَصُّلِ إِلَى الْمُبَاحَاتِ وَغَيْرِهَا، وَاهْتِمَامُ التَّابِعِ بِأَمْرِ مَتْبُوعِهِ، وَانْتِقَاءُ الْجَيِّدِ لَهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَطْعُومَاتِ وَغَيْرِهَا. وَفِيهِ أَنَّ صَفْقَةَ الرِّبَا لَا تَصِحُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ مَبْسُوطًا فِي مَوْضِعِهِ.
١٢ - بَاب الْوَكَالَةِ فِي الْوَقْفِ وَنَفَقَتِهِ وَأَنْ يُطْعِمَ صَدِيقًا لَهُ وَيَأْكُلَ بِالْمَعْرُوفِ
٢٣١٣ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، قَالَ فِي صَدَقَةِ عُمَرَ ﵁: لَيْسَ عَلَى الْوَلِيِّ جُنَاحٌ أَنْ يَأْكُلَ وَيُؤْكِلَ صَدِيقًا لَهُ غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مَالًا. فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ هُوَ يَلِي صَدَقَةَ عُمَرَ، يُهْدِي لِنَاسٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ.
قَوْلُهُ: (بَابُ الْوَكَالَةِ فِي الْوَقْفِ وَنَفَقَتِهِ وَأَنْ يُطْعِمَ صَدِيقًا لَهُ وَيَأْكُلَ بِالْمَعْرُوفِ) ذَكَرَ فِيهِ قِصَّةَ عُمَرَ فِي وَقْفِهِ مُخْتَصَرَةً غَيْرَ مَوْصُولَةٍ.
قَوْلُهُ: (عَنْ عَمْرٍو) هُوَ ابْنُ دِينَارٍ الْمَكِّيُّ.
قَوْلُهُ: (فِي صَدَقَةِ عُمَرَ) أَيْ: فِي رِوَايَتِهِ لَهَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ كَمَا جَزَمَ بِذَلِكَ الْمِزِيُّ فِي الْأَطْرَافِ وَيُوَضِّحُهُ رِوَايَةُ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
قَوْلُهُ: (غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ) بِمُثَنَّاةٍ ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ أَيْ: غَيْرَ جَامِعٍ، وَإِنَّمَا كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُهْدِي مِنْهُ أَخَذًا بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ أَنْ يُطْعِمَ صَدِيقَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا يُطْعِمُهُمْ مِنْ نَصِيبِهِ الَّذِي جَعَلَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ فَكَانَ يُوَفِّرُهُ لِيُهْدِيَ لِأَصْحَابِهِ مِنْهُ.
قَوْلُهُ: (فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ) هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ كَمَا هُوَ بَيِّنٌ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ، قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: قَوْلُهُ: فِي صَدَقَةٍ عُمَرُ صَدَقَةٍ بِالتَّنْوِينِ وَعُمَرُ فَاعِلٌ، قَالَ: وَهُوَ بِصُورَةِ الْإِرْسَالِ؛ لِأَنَّهُ يَعْنِي: - عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ - لَمْ يَذْكُرْ عُمَرَ، قَالَ: وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِالْإِضَافَةِ أَيْ: قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ فِي وَقْفِ عُمَرَ ذَلِكَ، قَالَ: وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَمْرٍو بِالْوَاوِ. قُلْتُ: هَذِهِ الْأَخِيرَةِ غَلَطٌ، وَقَوْلُهُ: صَدَقَةٍ بِالتَّنْوِينِ غَلَطٌ مَحْضٌ، وَصَدَقَةُ عُمَرَ بِالْإِضَافَةِ هِيَ الَّتِي عِنْدَ جَمِيعِ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْبُخَارِيِّ، وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ رَوَى عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ حَكَى عَنْ صَدَقَةِ عُمَرَ مَا ذَكَرَهُ وَاسْتَنَدَ فِي ذَلِكَ إِلَى صَنِيعِ ابْنِ عُمَرَ، فَكَأَنَّهُ حَمَلَ مَا ذَكَرَهُ مِمَّا فَهِمَهُ مِنْ فِعْلِ ابْنِ عُمَرَ فَيَكُونُ الْخَيْرُ مَوْصُولًا بِهَذَا التَّقْرِيرِ، وَبِهَذَا تَرْجَمَ الْمِزِيُّ فِي مُسْنَدِ ابْنِ عُمَرَ: عَمْرُو بْنَ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ثُمَّ سَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ بِهَذَا السَّنَدِ.
قَوْلُهُ: (لِنَاسٍ) بَيَّنَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَنَّهُمْ آلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، قَالَ الْمُهَلَّبُ: أَخَذَ عُمَرُ شَرْطَ وَقْفِهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ حَيْثُ قَالَ فِي وَلِيِّ الْيَتِيمِ: ﴿وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ وَالْمَعْرُوفُ مَا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ.
١٣ - بَاب الْوَكَالَةِ فِي الْحُدُودِ
٢٣١٤، ٢٣١٥ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ زَيْدِ