الصَّلَاةِ جِلْسَةَ الرَّجُلِ، وَكَانَتْ فَقِيهَةً، وَبَيَّنْتُ هُنَاكَ أَنَّهَا الصُّغْرَى وَالصُّغْرَى عَاشَتْ إِلَى أَوَاخِرِ خِلَافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَمَاتَتْ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِينَ بَعْدَ الْكُبْرَى بِنَحْوِ خَمْسِينَ سَنَةً.
ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ، وَبِلَالٌ، قَالَتْ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا الْحَدِيثَ، وَقَدِ اعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ ذَلِكَ قَبْلَ الْحِجَابِ قَطْعًا. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ وَذَلِكَ قَبْلَ الْحِجَابِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّهُ فِيمَا تَرْجَمَ لَهُ مِنْ عِيَادَةِ الْمَرْأَةِ الرَّجُلَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِشَرْطِ التَّسَتُّرِ، وَالَّذِي يَجْمَعُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ مَا قَبْلَ الْحِجَابِ وَمَا بَعْدَهُ الْأَمْنُ مِنَ الْفِتْنَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ الْحَدِيثِ مُسْتَوْفًى فِي أَبْوَابِ الْهِجْرَةِ مِنْ أَوَائِلِ الْمَغَازِي، وَقَوْلُهُ فِي الْبَيْتِ الَّذِي أَوَّلُهُ:
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً بِوَادٍ
كَذَا هُوَ بِالتَّنْكِيرِ وَالْإِبْهَامِ، وَالْمُرَادُ بِهِ وَادِي مَكَّةَ. وَذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ فِي الصِّحَاحِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الشِّعْرَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ لِبِلَالٍ، فَإِنَّهُ قَالَ: كَانَ بِلَالٌ يَتَمَثَّلُ بِهِ، وَأَوْرَدَهُ بِلَفْظِ:
هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً بِمَكَّةَ حَوْلِي
وَقَوْلُهُ شَامَةُ وَطُفَيْلُ هُمَا جَبَلَانِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَصَوَّبَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّهُمَا عَيْنَانِ، وَقَوْلُهُ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ أَيْ تَجِدُ نَفْسَكَ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْإِحْسَاسُ، أَيْ كَيْفَ تَعْلَمُ حَالَ نَفْسِكَ.
٩ - بَاب عِيَادَةِ الصِّبْيَانِ
٥٦٥٥ - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَاصِمٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ﵄، أَنَّ ابْنَةً لِلنَّبِيِّ ﷺ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ وَهُوَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ وَسَعْدٌ، وَأُبَيٌّ: نَحْسِبُ أَنَّ ابْنَتِي قَدْ حُضِرَتْ فَاشْهَدْنَا. فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا السَّلَامَ، وَيَقُولُ: إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَمَا أَعْطَى، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ مُسَمًّى، فَلْتَحْتَسِبْ وَلْتَصْبِرْ. فَأَرْسَلَتْ تُقْسِمُ عَلَيْهِ، فَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ، وَقُمْنَا، فَرُفِعَ الصَّبِيُّ فِي حَجْرِ النَّبِيِّ ﷺ وَنَفْسُهُ تقمقع، فَفَاضَتْ عَيْنَا النَّبِيِّ ﷺ. فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: مَا هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: هَذِهِ رَحْمَةٌ وَضَعَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ، وَلَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ إِلَّا الرُّحَمَاءَ.
قَوْلُهُ: (بَابُ عِيَادَةِ الصِّبْيَانِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فِي قِصَّةِ وَلَدِ بِنْتِ النَّبِيِّ ﷺ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْجَنَائِزِ.
وقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ أَنَّ ابْنَةَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أَنَّ بِنْتًا وَقَوْلُهُ فَأَشْهَدَنَا كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَعِنْدَ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَاشْهَدَهَا وَالْمُرَادُ بِهِ الْحُضُورُ، وَقَوْلُهُ هَذِهِ الرَّحْمَةُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أَيْضًا هَذِهِ رَحْمَةٌ بِالتَّنْكِيرِ.
١٠ - بَاب عِيَادَةِ الْأَعْرَابِ
٥٦٥٦ - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ، قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ قَالَ لَهُ: لَا بَأْسَ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. قَالَ: قُلْتَ: طَهُورٌ؟ كَلَّا، بَلْ هِيَ حُمَّى تَفُورُ - أَوْ تَثُورُ - عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ، تُزِيرُهُ الْقُبُورَ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: فَنَعَمْ إِذًا.