للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَلِيًّا أَنْ يَنْحَرَ فَنَحَرَ سَبْعًا وَثَلَاثِينَ مَثَلًا، ثُمَّ نَحَرَ النَّبِيُّ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَإِنْ سَاغَ هَذَا الْجَمْعُ وَإِلَّا فَمَا فِي الصَّحِيحِ أَصَحُّ.

قَوْلُهُ: (وَلَا أُعْطِيَ عَلَيْهَا شَيْئًا فِي جِزَارَتِهَا) وَكَذَا قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الْبَابِ بَعْدَهُ: (وَلَا يُعْطِي فِي جِزَارَتِهَا شَيْئًا) ظَاهِرُهُمَا أَنْ لَا يُعْطِيَ الْجَزَّارَ شَيْئًا أَلْبَتَّةَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ الْمُرَادَ بَلِ الْمُرَادُ أَنْ لَا يُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا شَيْئًا كَمَا وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَظَاهِرُهُ مَعَ ذَلِكَ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ بَيَّنَ النَّسَائِيُّ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ الْمُرَادَ مَنْعُ عَطِيَّةِ الْجَزَّارِ مِنَ الْهَدْيِ عِوَضًا عَنْ أُجْرَتِهِ، وَلَفْظُهُ: وَلَا يُعْطِيَ فِي جِزَارَتِهَا مِنْهَا شَيْئًا، وَاخْتُلِفَ فِي الْجِزَارَةِ، فَقَالَ ابْنُ التِّينِ: الْجِزَارَةُ بِالْكَسْرِ اسْمٌ لِلْفِعْلِ، وَبِالضَّمِّ اسْمٌ لِلسَّوَاقِطِ، فَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْرَأَ بِالْكَسْرِ وَبِهِ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ، فَإِنْ صَحَّتْ بِالضَّمِّ جَازَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ لَا يُعْطِي مِنْ بَعْضِ الْجَزُورِ أُجْرَةَ الْجَزَّارِ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَتَبِعَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: الْجُزَارَةُ بِالضَّمِّ اسْمٌ لِمَا يُعْطَى كَالْعُمَالَةِ وَزْنًا وَمَعْنًى، وَقِيلَ: هُوَ بِالْكَسْرِ كَالْحِجَامَةِ وَالْخِيَاطَةِ. وَجَوَّزَ غَيْرُهُ الْفَتْحَ، وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: الْجُزَارَةُ بِالضَّمِّ كَالْعُمَالَةِ مَا يَأْخُذُهُ الْجَزَّارُ مِنَ الذَّبِيحَةِ عَنْ أُجْرَتِهِ، وَأَصْلُهَا أَطْرَافُ الْبَعِيرِ - الرَّأْسُ وَالْيَدَانِ وَالرِّجْلَانِ - سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْجَزَّارَ كَانَ يَأْخُذُهَا عَنْ أُجْرَتِهِ.

١٢١ - بَاب يُتَصَدَّقُ بِجُلُودِ الْهَدْيِ

١٧١٧ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَعَبْدُ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ أَنَّ مُجَاهِدًا أَخْبَرَهُمَا أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيًّا أَخْبَرَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ أَمَرَهُ أَنْ يَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ، وَأَنْ يَقْسِمَ بُدْنَهُ كُلَّهَا لُحُومَهَا وَجُلُودَهَا وَجِلَالَهَا وَلَا يُعْطِيَ فِي جِزَارَتِهَا شَيْئًا.

قَوْلُهُ: (بَابُ يُتَصَدَّقُ بِجُلُودِ الْهَدْيِ) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ عَلِيٍّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ وَهُوَ ابْنُ مَالِكٍ، وَالْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ وَهُوَ الْمَكِّيُّ جَمِيعًا عَنْ مُجَاهِدٍ، وَسَاقَهُ بِلَفْظِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، وَأَمَّا لَفْظُ عَبْدِ الْكَرِيمِ فَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْهُ نَحْوَهُ وَزَادَ: وَقَالَ نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا.

قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَقْسِمَ بُدْنَهُ) بِسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا.

قَوْلُهُ: (لُحُومَهَا وَجُلُودَهَا وَجِلَالَهَا) زَادَ ابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فِي رِوَايَتِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُعْطِي فِي جِزَارَتِهَا شَيْئًا) زَادَ مُسْلِمٌ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ: وَلَا يُعْطِي فِي جِزَارَتِهَا مِنْهَا شَيْئًا. قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ يَقْسِمُهَا كُلَّهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ إِلَّا مَا أَمَرَ بِهِ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبِضْعَةٍ فَطُبِخَتْ كَمَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ - يَعْنِي الطَّوِيلَ - عِنْدَ مُسْلِمٍ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ، قَالَ: وَالنَّهْيُ عَنْ إِعْطَاءِ الْجَزَّارِ الْمُرَادُ بِهِ أَنْ لَا يُعْطَى مِنْهَا عَنْ أُجْرَتِهِ، وَكَذَا قَالَ الْبَغَوِيُّ فِي: شَرْحِ السُّنَّةِ قَالَ: وَأَمَّا إِذَا أُعْطِيَ أُجْرَتَهُ كَامِلَةً ثُمَّ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ فَقِيرًا كَمَا يَتَصَدَّقُ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: إِعْطَاءُ الْجَزَّارِ عَلَى سَبِيلِ الْأُجْرَةِ مَمْنُوعٌ لِكَوْنِهِ مُعَاوَضَةً، وَأَمَّا إِعْطَاؤُهُ صَدَقَةً أَوْ هَدِيَّةً أَوْ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ فَالْقِيَاسُ الْجَوَازُ، وَلَكِنَّ إِطْلَاقَ الشَّارِعِ ذَلِكَ قَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ مَنْعُ الصَّدَقَةِ لِئَلَّا تَقَعَ مُسَامَحَةٌ فِي الْأُجْرَةِ لِأَجْلِ مَا يَأْخُذُهُ فَيَرْجِعُ إِلَى الْمُعَاوَضَةِ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَلَمْ يُرَخِّصْ فِي إِعْطَاءِ الْجَزَّارِ مِنْهَا فِي أُجْرَتِهِ إِلَّا الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ. وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى مَنْعِ بَيْعِ الْجِلْدِ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ جُلُودَ الْهَدْيِ وَجِلَالَهَا لَا تُبَاعُ لِعَطْفِهَا عَلَى اللَّحْمِ وَإِعْطَائِهَا حُكْمَهُ، وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ لَحْمَهَا لَا يُبَاعُ فَكَذَلِكَ الْجُلُودُ وَالْجِلَالُ، وَأَجَازَهُ الْأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، قَالُوا: وَيُصْرَفُ ثَمَنُهُ مَصْرِفَ الْأُضْحِيَةِ.

وَاسْتَدَلَّ أَبُو ثَوْرٍ عَلَى أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِهِ، وَكُلُّ مَا جَازَ الِانْتِفَاعُ بِهِ جَازِ بَيْعُهُ، وَعُورِضَ بِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى جَوَازِ