بَيَانُهُ فِي تَفْسِيرِ آلِ عِمْرَانَ، وَتَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ شَرْحِهِ وَتَسْمِيَتِهِ الْمَدْعُوِّ عَلَيْهِمْ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: دُخُولُ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ مِنْ جِهَةِ دُعَاءِ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى الْمَذْكُورِينَ، لِكَوْنِهِمْ لَمْ يُذْعِنُوا لِلْإِيمَانِ لِيَعْتَصِمُوا بِهِ مِنَ اللَّعْنَةِ، وَأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ﴾ هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ انْتَهَى. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ الْإِشَارَةَ إِلَى الْخِلَافِيَّةِ الْمَشْهُورَةِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، وَهِيَ: هَلْ كَانَ لَهُ ﷺ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي الْأَحْكَامِ أَوْ لَا؟ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ ذَلِكَ قَبْلَ ثَمَانِيَةِ أَبْوَابٍ.
قَوْلُهُ: (عَبْدُ اللَّهِ) هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَسَالِمٌ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ حِبَّانَ بْنِ مُوسَى، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ فِي تَفْسِيرِ آلِ عِمْرَانَ: حَدَّثَنِي سَالِمٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
قَوْلُهُ: (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَرَفَعَ رَأْسَهُ) الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ، أَيْ: قَالَ ذَلِكَ حَالَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنَ الرُّكُوعِ.
قَوْلُهُ: (قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ) قَالَ الْكِرْمَانِيُّ جَعَلَ ذَلِكَ الْقَوْلَ كَالْفِعْلِ اللَّازِمِ، أَيْ: يَفْعَلُ الْقَوْلَ الْمَذْكُورَ، أَوْ هُنَاكَ شَيْءٌ مَحْذُوفٌ. قُلْتُ: لَمْ يَذْكُرْ تَقْدِيرَهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى قَائِلًا، أَوْ لَفْظُ قَالَ الْمَذْكُورُ زَائِدًا، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ حِبَّانَ بْنِ مُوسَى بِلَفْظِ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّ الْقُنُوتِ عِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ لَا قَبْلَ الرُّكُوعِ، وَقَوْلُهُ: قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ مُعَيِّنٌ لِكَوْنِ الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الِاعْتِدَالَ، وَقَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَةِ أَيِ: الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ وَهِيَ الثَّانِيَةُ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ، كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةِ حِبَّانَ بْنِ مُوسَى، وَظَنَّ الْكِرْمَانِيُّ أَنَّ قَوْلَهُ: فِي الْآخِرَةِ مُتَعَلِّقٌ بِالْحَمْدِ، وَأَنَّهُ بَقِيَّةُ الذِّكْرِ الَّذِي قَالَهُ النَّبِيُّ ﷺ فِي الِاعْتِدَالِ، فَقَالَ: فَإِنْ قُلْتَ: مَا وَجْهُ التَّخْصِيصِ بِالْآخِرَةِ مَعَ أَنَّ لَهُ الْحَمْدَ فِي الدُّنْيَا؟ ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّ نَعِيمَ الْآخِرَةِ أَشْرَفُ، فَالْحَمْدُ عَلَيْهِ هُوَ الْحَمْدُ حَقِيقَةً، أَوِ الْمُرَادُ بِالْآخِرَةِ الْعَاقِبَةُ، أَيْ: مَآلُ كُلِّ الْحُمُودِ إِلَيْهِ، انْتَهَى. وَلَيْسَ لَفْظُ: فِي الْآخِرَةِ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ ﷺ بَلْ هُوَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عُمَرَ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِي جَمْعِهِ الْحَمْدَ عَلَى حُمُودٍ.
قَوْلُهُ: (فُلَانًا وَفُلَانًا) قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: يَعْنِي رَعْلًا، وَذَكْوَانَ وَوَهَمَ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا سَمَّى نَاسًا بِأَعْيَانِهِمْ لَا الْقَبَائِلَ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي تَفْسِيرِ آلِ عِمْرَانَ.
١٨ - بَاب ﴿وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا﴾ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾
٧٣٤٧ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ ح حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ، أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ ﵄ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ﵁ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ ﵍ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ لَهُمْ: أَلَا تُصَلُّونَ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ، فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَ قَالَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ شَيْئًا، ثُمَّ سَمِعَهُ وَهُوَ مُدْبِرٌ يَضْرِبُ فَخِذَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: ﴿وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا﴾. قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: يُقَالُ: مَا أَتَاكَ لَيْلًا فَهُوَ طَارِقٌ، وَيُقَالُ: الطَّارِقُ: النَّجْمُ، وَالثَّاقِبُ: الْمُضِيءُ، يُقَالُ: أَثْقِبْ نَارَكَ لِلْمُوقِدِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute