مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ، مَا أَهْدَيْتُ وَحَبِيبٌ فِي السَّنَدِ هُوَ ابْنُ أَبِي قَرِيبَةَ، وَاسْمُهُ زَيْدٌ، وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِالْعَلَمِ، وَتَقَدَّمَ شَرْحُ الْحَدِيثِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْحَجِّ وَقَدْ وَقَعَ فِيهِ لَوْ مُجَرَّدَةٌ عَنِ النَّفْيِ وَمُعَقَّبَةٌ بِالنَّفْيِ حَيْثُ جَاءَ فِيهِ: لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ وَقَالَ بَعْدَهُ: وَلَوْلَا أَنَّ مَعِيَ الْهَدْي لَأَحْلَلْتُ وَسَيَأْتِي مَا قِيلَ فِيهِمَا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ.
٤ - بَاب قَوْلِهِ ﷺ: لَيْتَ كَذَا وَكَذَا
٧٢٣١ - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ:، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: أَرِقَ النَّبِيُّ ﷺ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ: لَيْتَ رَجُلًا صَالِحًا مِنْ أَصْحَابِي يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ إِذْ سَمِعْنَا صَوْتَ السِّلَاحِ قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُ أَحْرُسُكَ فَنَامَ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى سَمِعْنَا غَطِيطَهُ، قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: وَقَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ بِلَالٌ:
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً … بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ؟
فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ ﷺ.
قَوْلُهُ: بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ لَيْتَ كَذَا وَكَذَا) لَيْتَ حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ التَّمَنِّي يَتَعَلَّقُ بِالْمُسْتَحِيلِ غَالِبًا، وَبِالْمُمْكِنِ قَلِيلًا، وَمِنْهُ حَدِيثُ الْبَابِ فَإِنَّ كُلًّا مِنَ الْحِرَاسَةِ وَالْمَبِيتِ بِالْمَكَانِ الَّذِي تَمَنَّاهُ قَدْ وُجِدَ.
قَوْلُهُ: أَرِقَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ سَهِرَ وَزْنُهُ وَمَعْنَاهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي بَابِ الْحِرَاسَةِ فِي الْغَزْوِ مَعَ شَرْحِهِ، وَقَوْلُهُ: مَنْ هَذَا؟ قِيلَ: سَعْدٌ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ قَالَ سَعْدٌ: وَهُوَ أَوْلَى فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ بِلَفْظِ: فَقَالَ أَنَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ. وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ تَعْيِينُهُ.
تَنْبِيهٌ:
ذَكَرْتُ فِي بَابِ الْحِرَاسَةِ مِنْ كِتَابِ الْجِهَادِ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُحْرَسُ حَتَّى نَزَلَتْ: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يُحْرَسْ بَعْدَ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى سَبْقِ نُزُولِ الْآيَةِ، لَكِنْ وَرَدَ فِي عِدَّةِ أَخْبَارٍ أَنَّهُ حُرِسَ فِي بَدْرٍ، وَفِي أُحُدٍ، وَفِي الْخَنْدَقِ وَفِي رُجُوعِهِ مِنْ خَيْبَرَ، وَفِي وَادِي الْقُرَى، وَفِي عَمْرَةِ الْقَضِيَّةِ، وَفِي حُنَيْنٍ، فَكَأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ مُتَرَاخِيَةً عَنْ وَقْعَةِ حُنَيْنٍ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: كَانَ الْعَبَّاسُ فِيمَنْ يَحْرُسُ النَّبِيَّ ﷺ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ تَرَكَ وَالْعَبَّاسُ إِنَّمَا لَازَمَهُ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ، فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ بَعْدَ حُنَيْنٍ، وَحَدِيثُ حِرَاسَتِهِ لَيْلَةَ حُنَيْنٍ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ أَنَّ أَنَسَ بْنَ أَبِي مَرْثَدٍ حَرَسَ النَّبِيَّ ﷺ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَتَتَبَّعَ بَعْضُهُمْ أَسْمَاءَ مَنْ حَرَسَ النَّبِيَّ ﷺ فَجُمِعَ مِنْهُمْ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَالزُّبَيْرُ، وَأَبُو أَيُّوبَ، وَذَكْوَانُ بْنُ عَبْدِ الْقَيْسِ، وَالْأَدْرَعُ السُّلَمِيُّ، وَابْنُ الْأَدْرَعِ، وَاسْمُهُ مِحْجَنٌ، وَيُقَالُ: سَلَمَةُ، وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ، وَالْعَبَّاسُ، وَأَبُو رَيْحَانَةَ، وَلَيْسَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ فِي الْوَقَائِعِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا حَرَسَ النَّبِيَّ ﷺ وَحْدَهُ، بَلْ ذُكِرَ فِي مُطْلَقِ الْحَرَسِ فَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ خَاصًّا بِهِ كَأَبِي أَيُّوبَ حِينَ
بِنَائِهِ بِصَفِيَّةَ بَعْدَ الرُّجُوعِ مِنْ خَيْبَرَ، وَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ حَرَسَ أَهْلُ تِلْكَ الْغَزْوَةِ كَأَنَسِ بْنِ أَبِي مَرْثَدٍ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: وَقَالَتْ عَائِشَةُ قَالَ بِلَالٌ: أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً، إِلَخْ) هَذَا حَدِيثٌ آخَرُ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا بِتَمَامِهِ فِي مَقْدَمِ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ كِتَابِ الْهِجْرَةِ وَمَوْضِعُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ قَوْلُهَا فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ ﷺ وَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ مِنَ الْحَدِيثِ عَلَيْهَا، وَالَّذِي فِي الرِّوَايَةِ الْمَوْصُولَةِ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجِئْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَأَخْبَرْتُهُ.