للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَتَعَيَّنَ بَعْضُ الْمُقَدَّرَاتِ.

قَوْلُهُ: (فَيُبَيِّتُهُمُ اللَّهُ) أَيْ يُهْلِكُهُمْ لَيْلًا، وَالْبَيَاتُ هُجُومُ الْعَدُوِّ لَيْلًا.

قَوْلُهُ: (وَيَضَعُ الْعَلَمَ) أَيْ يُوقِعُهُ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: إِنْ كَانَ الْعَلَمُ جَبَلًا فَيُدَكْدِكُهُ وَإِنْ كَانَ بِنَاءً فَيَهْدِمُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَأَغْرَبَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فَشَرَحَهُ عَلَى أَنَّهُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ اللَّامِ فَقَالَ: وَضْعُ الْعِلْمِ إِمَّا بِذَهَابِ أَهْلِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَإِمَّا بِإِهَانَةِ أَهْلِهِ بِتَسْلِيطِ الْفَجَرَةِ عَلَيْهِمْ.

قَوْلُهُ: (وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) يُرِيدُ مِمَّنْ لَمْ يُهْلِكْ فِي الْبَيَاتِ الْمَذْكُورِ، أَوْ مِنْ قَوْمٍ آخَرِينَ غَيْرِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ بَيَّتُوا، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ أَنَّ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَيَمْسَخُ مِنْهُمُ آخَرِينَ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: يَحْتَمِلُ الْحَقِيقَةَ كَمَا وَقَعَ لِلْأُمَمِ السَّالِفَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً عَنْ تَبَدُّلِ أَخْلَاقِهِمْ. قُلْتُ: وَالْأَوَّلُ أَلْيَقُ بِالسِّيَاقِ. وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَعِيدٌ شَدِيدٌ عَلَى مَنْ يَتَحَيَّلُ فِي تَحْلِيلِ مَا يَحْرُمُ بِتَغْيِيرِ اسْمِهِ، وَأَنَّ الْحُكْمَ يَدُورُ مَعَ الْعِلَّةِ. وَالْعِلَّةُ فِي تَحْرِيمِ الْخَمْرِ الْإِسْكَارُ، فَمَهْمَا وُجِدَ الْإِسْكَارُ وُجِدَ التَّحْرِيمُ وَلَوْ لَمْ يَسْتَمِرَّ الِاسْمُ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: هُوَ أَصْلٌ فِي أَنَّ الْأَحْكَامَ إِنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِمَعَانِي الْأَسْمَاءِ لَا بِأَلْقَابِهَا، رَدًّا عَلَى مَنْ حَمَلَهُ عَلَى اللَّفْظِ.

٧ - بَاب الِانْتِبَاذِ فِي الْأَوْعِيَةِ وَالتَّوْرِ

٥٥٩١ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَهْلًا يَقُولُ: أَتَى أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ فَدَعَا رَسُولَ اللَّهِ فِي عُرْسِهِ، فَكَانَتْ امْرَأَتُهُ خَادِمَهُمْ - وَهِيَ الْعَرُوسُ - قَالَت: أَتَدْرُونَ مَا سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ؟ أَنْقَقتُ لَهُ تَمَرَاتٍ مِنْ اللَّيْلِ فِي تَوْرٍ.

قَوْلُهُ: (بَابُ الِانْتِبَاذِ فِي الْأَوْعِيَةِ وَالتَّوْرِ) هُوَ مِنْ عَطْفُ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، لِأَنَّ التَّوْرَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَوْعِيَةِ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ إِنَاءٌ مِنْ حِجَارَةٍ أَوْ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ مِنْ خَشَبٍ، وَيُقَالُ: لَا يُقَالُ لَهُ تَوْرٌ إِلَّا إِذَا كَانَ صَغِيرًا، وَقِيلَ هُوَ قَدَحٌ كَبِيرٌ كَالْقِدْرِ، وَقِيلَ مِثْلُ الطَّسْتِ، وَقِيلَ كَالْإِجَّانَةِ، وَهِيَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ وَبَعْدَ الْأَلِفِ نُونٌ: وِعَاءٌ.

قَوْلُهُ: (أَتَى أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ فَدَعَا رَسُولَ اللَّهِ فِي عُرْسِهِ) تَقَدَّمَ فِي الْوَلِيمَةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ: دَعَا النَّبِيُّ لِعُرْسِهِ، وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ دَعَا النَّبِيَّ أَصْحَابَهُ.

قَوْلُهُ: (قَالَ أَتَدْرُونَ) الْقَائِلُ هُوَ سَهْلٌ و (مَا سَقَتْ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ قَالَتْ وَسَقَيْتُ بِسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَ الْقَافِ وَفِي آخِرِهِ مُثَنَّاةٌ، وَكَذَا الْخِلَافُ فِي أَنْقَعَتْ وَنَقَعَتْ وَأَنْقَعَ بِالْهَمْزَةِ لُغَةٌ، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى نَقَعَتْ بِغَيْرِ أَلِفٍ، وَتَقَدَّمَ فِي الْوَلِيمَةِ بِلَفْظِ بَلَّتْ تَمَرَاتٍ.

قَوْلُهُ: (فِي تَوْرٍ) زَادَ فِي الْوَلِيمَةِ مِنْ حِجَارَةٍ وَإِنَّمَا قَيَّدَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مِنْ غَيْرِهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَفِي رِوَايَةِ أَشْعَثَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ كَانَ النَّبِيُّ يُنْبَذُ لَهُ فِي سِقَاءٍ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ سِقَاءً يُنْبَذُ لَهُ فِي تَوْرٍ قَالَ أَشْعَثُ: وَالتَّوْرُ مِنْ لِحَاءِ الشَّجَرِ، أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ. وَعَبَّرَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّرْجَمَةِ بِالِانْتِبَاذِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ النَّقِيعَ يُسَمَّى نَبِيذًا، فَيُحْمَلُ مَا وَرَدَ فِي الْأَخْبَارِ بِلَفْظِ النَّبِيذِ عَلَى النَّقِيعِ، وَقَدْ تَرْجَمَ لَهُ بَعْدَ قَلِيلٍ بَابُ نَقِيعِ التَّمْرِ مَا لَمْ يُسْكِرْ قَالَ الْمُهَلَّبُ: النَّقِيعُ حَلَالٌ مَا لَمْ يَشْتَدَّ فَإِذَا اشْتَدَّ وَغَلَى حَرُمَ. وَشَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ أَنْ يَقْذِفَ بِالزَّبَدِ، قَالَ: وَإِذَا نُقِعَ مِنَ اللَّيْلِ وَشُرِبَ النَّهَارَ أَوْ بِالْعَكْسِ لَمْ يَشْتَدَّ، وَفِيهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ، يُشِيرُ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ كَانَتْ تَنْبِذُ لِرَسُولِ اللَّهِ فِي سِقَاءٍ تُوكِي أَعْلَاهُ فَيَشْرَبُهُ عِشَاءً، وَتَنْبِذُهُ عِشَاءً فَيَشْرَبُهُ غَدْوَةً، وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَنْبِذُ لِلنَّبِيِّ غَدْوَةً، فَإِذَا كَانَ مِنَ الْعَشِيِّ تَعَشَّى فَشَرِبَ عَلَى عَشَائِهِ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ صَبَّتْهُ ثُمَّ تَنْبِذُ لَهُ بِاللَّيْلِ، فَإِذَا أَصْبَحَ وَتَغَدَّى شَرِبَ عَلَى غَدَائِهِ، قَالَتْ نَغْسِلُ السِّقَاءَ غَدْوَةً وَعَشِيَّةً وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ