فَدَخَلَا عَلَيْهِ فَتَكَلَّمَا وَقَالَا لَهُ فَطَلَبَا إِلَيْهِ. فَقَالَ لَهُمَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: إِنَّا بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَدْ أَصَبْنَا مِنْ هَذَا الْمَالِ، وَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ قَدْ عَاثَتْ فِي دِمَائِهَا. قَالَا: فَإِنَّهُ يَعْرِضُ عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا، وَيَطْلُبُ إِلَيْكَ وَيَسْأَلُكَ. قَالَ: فَمَنْ لِي بِهَذَا؟ قَالَا: نَحْنُ لَكَ بِهِ. فَمَا سَأَلَهُمَا شَيْئًا إِلَّا قَالَا: نَحْنُ لَكَ بِهِ، فَصَالَحَهُ، فَقَالَ الْحَسَنُ: وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلَى الْمِنْبَرِ - وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى جَنْبِهِ - وَهُوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً وَعَلَيْهِ أُخْرَى وَيَقُولُ: إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ.
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّمَا ثَبَتَ لَنَا سَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ أَبِي بَكْرَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ.
[الحديث ٢٧٠٤ - أطرافه في: ٣٦٢٩، ٣٧٤٦، ٧١٠٩]
قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ) اللَّامُ فِي قَوْلِهِ: لِلْحَسَنِ بِمَعْنَى عَنْ، وَتَرْجَمَ الْمُصَنِّفُ بِلَفْظِ الْحَدِيثِ احْتِرَازًا وَأَدَبًا، وَكَذَلِكَ تَرْجَمَ بِنَحْوِهِ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ، وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى هُنَاكَ.
وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾ لَمْ يَظْهَرْ لِي مُطَابَقَةُ الْحَدِيثِ لِهَذَا الْقَدْرِ مِنَ التَّرْجَمَةِ إِلَّا إِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنَّهُ ﷺ كَانَ حَرِيصًا عَلَى امْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ، وَقَدْ أَمَرَ بِالْإِصْلَاحِ، وَأَخْبَرَ ﷺ أَنَّ الصُّلْحَ بَيْنَ الْفِئَتَيْنِ الْمُخْتَلِفَتَيْنِ سَيَقَعُ عَلَى يَدِ الْحَسَنِ.
قَوْلُهُ: (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ) أَيِ الْمُصَنِّفُ (قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) أَيِ ابْنُ الْمَدِينِيِّ (إِنَّمَا ثَبَتَ لَنَا سَمَاعُ الْحَسَنِ) أَيِ الْبَصْرِيِّ (مِنْ أَبِي بَكْرَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ) أَيْ لِتَصْرِيحِهِ فِيهِ بِالسَّمَاعِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَلِيِّ ابْنِ الْمَدِينِيِّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ وَلَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ.
١٠ - بَاب هَلْ يُشِيرُ الْإِمَامُ بِالصُّلْحِ؟
٢٧٠٥ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أُمَّهُ عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ ﵂ تَقُولُ: سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَوْتَ خُصُومٍ بِالْبَابِ عَالِيَةٍ أَصْوَاتُهُم، وَإِذَا أَحَدُهُمَا يَسْتَوْضِعُ الْآخَرَ وَيَسْتَرْفِقُهُ فِي شَيْءٍ، وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: أَيْنَ الْمُتَأَلِّي عَلَى اللَّهِ لَا يَفْعَلُ الْمَعْرُوفَ؟ فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فلَهُ أَيُّ ذَلِكَ أَحَبَّ.
٢٧٠٦ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ الْأَعْرَجِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيِّ مَالٌ، فَلَقِيَهُ فَلَزِمَهُ حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَمَرَّ بِهِمَا النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: يَا كَعْبُ - فَأَشَارَ بِيَدِهِ كَأَنَّهُ يَقُولُ: النِّصْفَ - فَأَخَذَ نِصْفَ مَا لَهُ عَلَيْهِ وَتَرَكَ نِصْفًا.
قَوْلُهُ: (بَابُ هَلْ يُشِيرُ الْإِمَامُ بِالصُّلْحِ) أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِلَى الْخِلَافِ، فَإِنَّ الْجُمْهُورَ اسْتَحَبُّوا لِلْحَاكِمِ أَنْ يُشِيرَ