للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا﴾ قَوْلَ مَنْ قَالَ: يَبْقَى لِلْمَقْتُولِ حَقُّ التَّشَفِّي، وَهُوَ أَقْرَبُ مِنْ إِطْلَاقِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ هُنَا.

قَالَ: وَأَمَّا السَّرِقَةُ فَتَتَوَقَّفُ بَرَاءَةُ السَّارِقِ فِيهَا عَلَى رَدِّ الْمَسْرُوقِ لِمُسْتَحِقِّهِ، وَأَمَّا الزِّنَا فَأَطْلَقَ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ، وَهِيَ غَفْلَةٌ؛ لِأَنَّ لِآلِ الْمزَنِيِّ بِهَا فِي ذَلِكَ حَقًّا لِمَا يَلْزَمُ مِنْهُ مِنْ دُخُولِ الْعَارِ عَلَى أَبِيهَا وَزَوْجِهَا وَغَيْرِهِمَا. وَمُحَصَّلُ ذَلِكَ أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَخْتَصُّ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى دُونَ حَقِّ الْآدَمِيِّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ.

٩ - بَاب ظَهْرُ الْمُؤْمِنِ حِمًى، إِلَّا فِي حَدٍّ أَوْ حَقٍّ

٦٧٨٥ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ أَبِي، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: أَلَا أَيُّ شَهْرٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً؟ قَالُوا: أَلَا شَهْرُنَا هَذَا، قَالَ: أَلَا أَيُّ بَلَدٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً؟ قَالُوا: أَلَا بَلَدُنَا هَذَا، قَالَ: أَلَا أَيُّ يَوْمٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً؟ قَالُوا: أَلَا يَوْمُنَا هَذَا، قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ - إِلَّا بِحَقِّهَا - كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ (ثَلَاثًا)؟ كُلُّ ذَلِكَ يُجِيبُونَهُ: أَلَا نَعَمْ، قَالَ: وَيْحَكُمْ - أَوْ وَيْلَكُمْ - لَا تَرْجِعُنَّ بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ.

قَوْلُهُ: (بَابٌ ظَهْرُ الْمُؤْمِنِ حِمًى) أَيْ مَحْمِيٌّ مَعْصُومٌ مِنَ الْإِيذَاءِ.

قَوْلُهُ: (إِلَّا فِي حَدٍّ أَوْ فِي حَقٍّ) أَيْ لَا يُضْرَبُ وَلَا يُذَلُّ إِلَّا عَلَى سَبِيلِ الْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ تَأْدِيبًا، وَهَذِهِ التَّرْجَمَةُ لَفْظُ حَدِيثٍ أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخِ فِي كِتَابِ السَّرِقَةِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : ظُهُورُ الْمُسْلِمِينَ حِمًى إِلَّا فِي حُدُودِ اللَّهِ، وَفِي مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ضَعْفٌ، وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عِصْمَةَ بْنِ مَالِكٍ الْخَطْمِيِّ بِلَفْظِ: ظَهْرُ الْمُؤْمِنِ حِمًى إِلَّا بِحَقِّهِ وَفِي سَنَدِهِ الْفَضْلُ بْنُ الْمُخْتَارِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ مَنْ جَرَّدَ ظَهْرَ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ وَفِي سَنَدِهِ أَيْضًا مَقَالٌ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) فِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ: حَدَّثَنِي، قَالَ الْحَاكِمُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ هَذَا هُوَ الذُّهْلِيُّ، وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ: لَمْ أَرَهُ مَنْسُوبًا فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ.

قُلْتُ: وَعَلَى قَوْلِ الْحَاكِمِ فَيَكُونُ نُسِبَ لِجَدِّهِ؛ لِأَنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ فَارِسٍ، وَقَدْ حَدَّثَ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ الْمَخْزُومِيِّ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الثَّلْجِ - بِالْمُثَلَّثَةِ وَالْجِيمِ - وَعَنْ غَيْرِهِمَا، وَقَدْ بَيَّنْتُ ذَلِكَ مُوَضَّحًا فِي آخِرِ حَدِيثٍ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ، وَقَدْ سَقَطَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي أَحْمَدَ الْجُرْجَانِيِّ، عَنِ الْفَرَبْرِيِّ، وَاعْتَمَدَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجِهِ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ، وَعَاصِمٌ الْمَذْكُورُ هُوَ ابْنُ عَاصِمٍ الْوَاسِطِيُّ، وَشَيْخُهُ عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَيِ ابْنُ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَشَيْخُهُ وَاقِدٌ هُوَ أَخُوهُ.

قَوْلُهُ: (قَالَ عَبْدُ اللَّهِ) هُوَ ابْنُ عُمَرَ جَدُّ الرَّاوِي عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (أَلَا أَيُّ شَهْرٍ تَعْلَمُونَهُ؟) هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ حَرْفُ افْتِتَاحٍ لِلتَّنْبِيهِ لِمَا يُقَالُ، وَقَدْ كُرِّرَتْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ سُؤَالًا وَجَوَابًا، وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: أَيُّ يَوْمٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً؟ قَالُوا: يَوْمُنَا هَذَا، يُعَارِضُهُ أَنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ أَعْظَمُ الْأَيَّامِ، وَأَجَابَ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْيَوْمِ الْوَقْتُ الَّذِي تُؤَدَّى فِيهِ الْمَنَاسِكُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَخْتَصَّ يَوْمُ النَّحْرِ بِمَزِيدِ الْحُرْمَةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ حُصُولُ الْمَزِيَّةِ الَّتِي اخْتُصَّ بِهَا يَوْمُ عَرَفَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ،