٤ - باب الصَّلَاةُ كَفَّارَةٌ
٥٢٥ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ الْأَعْمَشِ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَقِيقٌ، قَالَ: سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ ﵁ فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي الْفِتْنَةِ؟ قُلْتُ: أَنَا، كَمَا قَالَهُ. قَالَ: إِنَّكَ عَلَيْهِ - أَوْ عَلَيْهَا - لَجَرِيءٌ. قُلْتُ: فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَالصَّدَقَةُ وَالْأَمْرُ وَالنَّهْيُ. قَالَ: لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ، وَلَكِنْ الْفِتْنَةُ الَّتِي تَمُوجُ كَمَا يَمُوجُ الْبَحْرُ. قَالَ: لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا بَأْسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا. قَالَ: أَيُكْسَرُ أَمْ يُفْتَحُ؟ قَالَ: يُكْسَرُ. قَالَ: إِذن لَا يُغْلَقَ أَبَدًا. قُلْنَا: أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ الْبَابَ؟ قَالَ: نَعَمْ. كَمَا أَنَّ دُونَ الْغَدِ اللَّيْلَةَ. إِنِّي حَدَّثْتُهُ بِحَدِيثٍ لَيْسَ بِالْأَغَالِيطِ. فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَ حُذَيْفَةَ، فَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: الْبَابُ عُمَرُ.
[الحديث ٥٢٥ - أطرافه في: ٧٠٩٦، ٣٥٨٦، ١٨٩٥، ١٤٣٥]
قَوْلُهُ (بَابُ الصَّلَاةِ كَفَّارَةٌ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَلِلْمُسْتَمْلِي بَابُ تَكْفِيرِ الصَّلَاةِ.
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا يَحْيَى) هُوَ الْقَطَّانُ، وَشَقِيقٌ هُوَ ابْنُ سَلَمَةَ أَبُو وَائِلٍ.
قَوْلُهُ (سمعت حذيفة) لِلْمُسْتَمْلِي حَدَّثَنِي حُذَيْفَةُ.
قَوْلُهُ (فِي الْفِتْنَةِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ إِطْلَاقِ اللَّفْظِ الْعَامِّ وَإِرَادَةِ الْخَاصِّ. إِذْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْ إِلَّا عَنْ فِتْنَةٍ مَخْصُوصَةٍ. وَمَعْنَى الْفِتْنَةِ فِي الْأَصْلِ الِاخْتِبَارُ وَالِامْتِحَانُ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَتْ فِي كُلِّ أَمْرٍ يَكْشِفُهُ الِامْتِحَانُ عَنْ سُوءٍ. وَتُطْلَقُ عَلَى الْكُفْرِ، وَالْغُلُوِّ فِي التَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ، وَعَلَى الْفَضِيحَةِ وَالْبَلِيَّةِ وَالْعَذَابِ وَالْقِتَالِ وَالتَّحَوُّلِ مِنَ الْحَسَنِ إِلَى الْقَبِيحِ وَالْمَيْلِ إِلَى الشَّيْءِ وَالْإِعْجَابِ بِهِ، وَتَكُونُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾
قَوْلُهُ (أَنَا كَمَا قَالَهُ) أَيْ أَنَا أَحْفَظُ مَا قَالَهُ، وَالْكَافُ زَائِدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ، أَوْ هِيَ بِمَعْنَى عَلَى. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهَا الْمِثْلِيَّةُ، أَيْ أَقُولُ مِثْلَ مَا قَالَهُ.
قَوْلُهُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ (أَوْ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْمَقَالَةِ، وَالشَّكُّ مِنْ أَحَدِ رُوَاتِهِ.
قَوْلُهُ (الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ) أَيِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الزَّكَاةِ.
قَوْلُهُ (قُلْنَا) هُوَ مَقُولُ شَقِيقٍ. وَقَوْلُهُ (إِنِّي حَدَّثْتُهُ) هُوَ مَقُولُ حُذَيْفَةَ. وَ (الْأَغَالِيطُ) جَمْعُ أُغْلُوطَةٍ. وَقَوْلُهُ (فَهَبْنَا) أَيْ خِفْنَا، وَهُوَ مَقُولُ شَقِيقٍ أَيْضًا. وَقَوْلُهُ (الْبَابُ عُمَرُ) لَا يُغَايِرُ قَوْلَهُ قَبْلَ ذَلِكَ (إِنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفِتْنَةِ بَابًا)؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا، أَيْ بَيْنَ زَمَانِكَ وَبَيْنَ زَمَانِ الْفِتْنَةِ وُجُودُ حَيَاتِكَ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ فَوَائِدِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
٥٢٦ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ مِنْ امْرَأَةٍ قُبْلَةً، فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ، فَأَخْبَرَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾ فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ. أَلِي هَذَا؟ قَالَ: لِجَمِيعِ أُمَّتِي كُلِّهِمْ.
[الحديث ٥٢٦ - طرفه في: ٤٦٨٧]
قَوْلُهُ (أَنَّ رَجُلًا) هُوَ أَبُو الْيَسَرِ - بِفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ وَالْمُهْمَلَةِ - الْأَنْصَارِيُّ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقِيلَ غَيْرُهُ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَكِنْ جَاءَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ أَنَّهَا مِنَ الْأَنْصَارِ.
قَوْلُهُ (لِجَمِيعِ أُمَّتِي كُلِّهِمْ) فِيهِ مُبَالَغَةٌ فِي التَّأْكِيدِ، وَسَقَطَ كُلِّهمْ مِنْ رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ فَوَائِدِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي آخِرِ تَفْسِيرِ سُورَةِ