للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ تَرْكِ إِصَابَةِ الْوَقْتِ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: هَذَا الْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ إِذَا فَسَدَتْ فَسَدَتْ صَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَخْطَؤُوا) أَيِ: ارْتَكَبُوا الْخَطِيئَةَ، وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الْخَطَأَ الْمُقَابِلَ لِلْعَمْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا إِثْمَ فِيهِ. قَالَ الْمُهَلَّبُ: فِيهِ جَوَازُ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ إِذَا خِيفَ مِنْهُ. وَوَجَّهَ غَيْرُهُ قَوْلَهُ: إِذَا خِيفَ مِنْهُ بِأَنَّ الْفَاجِرَ إِنَّمَا يَؤُمُّ إِذَا كَانَ صَاحِبَ شَوْكَةٍ. وَقَالَ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا صَلَّى بِقَوْمٍ مُحْدِثًا أَنَّهُ تَصِحُّ صَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ وَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ. وَاسْتَدَلَّ بِهِ غَيْرُهُ عَلَى أَعَمِّ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ صِحَّةُ الِائْتِمَامِ بِمَنْ يُخِلُّ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّلَاةِ رُكْنًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ إِذَا أَتَمَّ الْمَأْمُومُ، وَهُوَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ هُوَ الْخَلِيفَةُ أَوْ نَائِبُهُ، وَالْأَصَحُّ عِنْدَهُمْ صِحَّةُ الِاقْتِدَاءِ بِمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ تَرَكَ وَاجِبًا. وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى الْجَوَازِ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَطَأِ مَا يُقَابِلُ الْعَمْدَ، قَالَ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْأُمُورِ الِاجْتِهَادِيَّةِ كَمَنْ يُصَلِّي خَلْفَ مَنْ لَا يَرَى قِرَاءَةَ الْبَسْمَلَةِ، وَلَا أَنَّهَا مِنْ أَرْكَانِ الْقِرَاءَةِ، وَلَا أَنَّهَا آيَةٌ مِنَ الْفَاتِحَةِ، بَلْ يَرَى أَنَّ الْفَاتِحَةَ تُجْزِئُ بِدُونِهَا، قَالَ: فَإِنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ تَصِحُّ إِذَا قَرَأَ هُوَ الْبَسْمَلَةَ؛ لِأَنَّ غَايَةَ حَالِ الْإِمَامِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ يَكُونَ أَخْطَأَ. وَقَدْ دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ خَطَأَ الْإِمَامِ لَا يُؤَثِّرُ فِي صِحَّةِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ إِذَا أَصَابَ.

(تَنْبِيهٌ): حَدِيثُ الْبَابِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَفِيهِ مَقَالٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَا لَهُ شَاهِدًا عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ، وَرَوَى الشَّافِعِيُّ مَعْنَاهُ مِنْ طَرِيقِ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيّ بِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ: يَأْتِي قَوْمٌ فَيُصَلُّونَ لَكُمْ، فَإِنْ أَتَمُّوا كَانَ لَهُمْ وَلَكُمْ، وَإِنْ نَقَصُوا كَانَ عَلَيْهِمْ وَلَكُمْ.

٥٦ - بَاب إِمَامَةِ الْمَفْتُونِ وَالْمُبْتَدِعِ

وَقَالَ الْحَسَنُ: صَلِّ وَعَلَيْهِ بِدْعَتُهُ

٦٩٥ - قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: وَقَالَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ:، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ خِيَارٍ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَهُوَ مَحْصُورٌ فَقَالَ: إِنَّكَ إِمَامُ عَامَّةٍ، وَنَزَلَ بِكَ مَا نَرَى وَيُصَلِّي لَنَا إِمَامُ فِتْنَةٍ وَنَتَحَرَّجُ، فَقَالَ: الصَّلَاةُ أَحْسَنُ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ، فَإِذَا أَحْسَنَ النَّاسُ فَأَحْسِنْ مَعَهُمْ، وَإِذَا أَسَاؤُوا فَاجْتَنِبْ إِسَاءَتَهُمْ.

وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: لَا نَرَى أَنْ يُصَلَّى خَلْفَ الْمُخَنَّثِ إِلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ لَا بُدَّ مِنْهَا.

٦٩٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قال النبي : "لِأَبِي ذَرٍّ اسْمَعْ وَأَطِعْ وَلَوْ لِحَبَشِيٍّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ.

قَوْلُهُ: (بَابُ إِمَامَةِ الْمَفْتُونِ) أَيِ: الَّذِي دَخَلَ فِي الْفِتْنَةِ فَخَرَجَ عَلَى الْإِمَامِ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَسَّرَهُ بِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَالْمُبْتَدِعُ) أَيْ: مَنِ اعْتَقَدَ شَيْئًا مِمَّا يُخَالِفُ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْحَسَنُ: صَلِّ، وَعَلَيْهِ بِدْعَتُهُ) وَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، أَنَّ الْحَسَنَ سُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ خَلْفَ صَاحِبِ الْبِدْعَةِ، فَقَالَ الْحَسَنُ: صَلِّ خَلْفَهُ، وَعَلَيْهِ بِدْعَتُهُ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ) هُوَ الْفِرْيَابِيُّ، قِيلَ: عَبَّرَ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا أَخَذَهُ مِنْ شَيْخِهِ فِي الْمُذَاكَرَةِ فَلَمْ يَقُلْ فِيهِ حَدَّثَنَا، وَقِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ مِمَّا تَحَمَّلَهُ بِالْإِجَازَةِ أَوِ الْمُنَاوَلَةِ أَوِ الْعَرْضِ، وَقِيلَ: هُوَ مُتَّصِلٌ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظِ مُنْقَطِعٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى. وَالَّذِي ظَهَرَ لِي بِالِاسْتِقْرَاءِ خِلَافُ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّهُ مُتَّصِلٌ، لَكِنَّهُ لَا يُعَبِّرُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ إِلَّا إِذَا كَانَ الْمَتْنُ مَوْقُوفًا، أَوْ كَانَ فِيهِ رَاوٍ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ، وَالَّذِي هُنَا مِنْ قَبِيلِ الْأَوَّلِ، وَقَدْ وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ