للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لَمَّا نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ : ﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ﴾ قَالَ: أَعُوذُ بِوَجْهِكَ ﴿أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾ قَالَ: أَعُوذُ بِوَجْهِكَ، فَلَمَّا نَزَلَتْ: ﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ﴾ قَالَ: هَاتَانِ أَهْوَنُ، أَوْ أَيْسَرُ.

قَوْلُهُ: بَابُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا﴾ ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ جَابِرٍ فِي نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا﴾ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَنْعَامِ.

وَوَجْهُ مُنَاسَبَتِهِ لِمَا قَبْلَهُ: أَنَّ ظُهُورَ بَعْضِ الْأُمَّةِ عَلَى عَدُوِّهُمْ دُونَ بَعْضٍ يَقْتَضِي أَنَّ بَيْنَهُمُ اخْتِلَافًا حَتَّى انْفَرَدَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بِالْوَصْفِ، لِأَنَّ غَلَبَةَ الطَّائِفَةِ الْمَذْكُورَةِ إِنْ كَانَتْ عَلَى الْكُفَّارِ ثَبَتَ الْمُدَّعَى، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَيْضًا فَهُوَ أَظْهَرُ فِي ثُبُوتِ الِاخْتِلَافِ، فَذَكَرَ بَعْدَهُ أَصْلَ وُقُوعِ الِاخْتِلَافِ وَأَنَّهُ كَانَ يُرِيدُ أَنْ لَا يَقَعَ فَأَعْلَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ قَضَى بِوُقُوعِهِ، وَأَنَّ كُلَّ مَا قَدَّرَهُ لَا سَبِيلَ إِلَى رَفْعِهِ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: أَجَابَ اللَّهُ تَعَالَى دُعَاءَ نَبِيِّهِ فِي عَدَمِ اسْتِئْصَالِ أُمَّتِهِ بِالْعَذَابِ، وَلَمْ يُجِبْهُ فِي أَنْ لَا يُلْبِسَهُمْ شِيَعًا، أَيْ فِرَقًا مُخْتَلِفِينَ وَأَنْ لَا يُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ أَيْ بِالْحَرْبِ وَالْقَتْلِ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ لَكِنْ أَخَفُّ مِنَ الِاسْتِئْصَالِ وَفِيهِ لِلْمُؤْمِنِينَ كَفَّارَةٌ.

١٢ - بَاب مَنْ شَبَّهَ أَصْلًا مَعْلُومًا بِأَصْلٍ مُبَيَّنٍ، وقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ حُكْمَهُمَا لِيُفْهِمَ السَّائِلَ

٧٣١٤ - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ، حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ، وَإِنِّي أَنْكَرْتُهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ : هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا أَلْوَانُهَا؟ قَالَ: حُمْرٌ، قَالَ: هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ؟ قَالَ: إِنَّ فِيهَا لَوُرْقًا، قَالَ: فَأَنَّى تُرَى ذَلِكَ جَاءَهَا؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عِرْقٌ نَزَعَهَا، قَالَ: وَلَعَلَّ هَذَا عِرْقٌ نَزَعَهُ. وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ فِي الِانْتِفَاءِ مِنْهُ.

٧٣١٥ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ، فَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَحُجَّ، أَفَأَحُجَّ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، حُجِّي عَنْهَا، أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: فاقْضُوا اللَّهَ الَّذِي لَهُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ.

قَوْلُهُ: بَابُ مَنْ شَبَّهَ أَصْلًا مَعْلُومًا بِأَصْلٍ مُبَيَّنٍ، وَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ حُكْمَهُمَا لِيَفْهَمَ السَّائِلُ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ، وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ، وَالْجُرْجَانِيِّ قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ بِحَذْفِ الْوَاوِ وَبِحَذْفِ النَّبِيِّ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَحَذْفُ الْوَاوِ يُوَافِقُ تَرْجَمَةَ الْمُصَنِّفِ الْمَاضِيَةِ، قَالَ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ لَيْسَ بِرَأْيٍ وَلَا تَمْثِيلٍ، أَيْ أَنَّ الَّذِي وَرَدَ عَنْهُ مِنَ التَّمْثِيلِ إِنَّمَا هُوَ تَشْبِيهُ أَصْلٍ بِأَصْلٍ، وَالْمُشَبَّهُ أَخْفَى عِنْدَ السَّائِلِ مِنَ الْمُشَبَّهِ بِهِ، وَفَائِدَةُ التَّشْبِيهِ التَّقْرِيبُ لِفَهْمِ السَّائِلِ، وَأَوْرَدَهُ النَّسَائِيُّ بِلَفْظِ مَنْ