عَنِ الذُّبَابِ أَوْرَدَ ابْنُ عُمَرَ هَذَا مُتَعَجِّبًا مِنْ حِرْصِ أَهْلِ الْعِرَاقِ عَلَى السُّؤَالِ عَنِ الشَّيْءِ الْيَسِيرِ وَتَفْرِيطِهِمْ فِي الشَّيْءِ الْجَلِيلِ.
قَوْلُهُ: (رَيْحَانَتَايَ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالتَّثْنِيَةِ، وَلِأَبِي ذَرٍّ رَيْحَانِي بِالْإِفْرَادِ وَالتَّذْكِيرِ، وَشَبَهَهُمَا بِذَلِكَ لِأَنَّ الْوَلَدَ يُشَمُّ وَيُقَبَّلُ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ: إِنَّ الْحَسَنَ، وَالْحُسَيْنَ هُمَا رَيْحَانَتَيِّ، وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَدْعُو الْحَسَنَ، وَالْحُسَيْنَ فَيَشُمُّهُمَا وَيَضُمُّهُمَا إِلَيْهِ، وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَالْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ يَلْعَبَانِ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقُلْتُ: أَتُحِبُّهُمَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: وَكَيْفَ لَا وَهُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا أَشُمُّهُمَا.
٢٣ - بَاب مَنَاقِبِ بِلَالِ بْنِ رَبَاحٍ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ ﵄
وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ
٣٧٥٤ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، أَخْبَرَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ﵄ قَالَ: كَانَ عُمَرُ يَقُولُ: أَبُو بَكْرٍ سَيِّدُنَا، وَأَعْتَقَ سَيِّدَنَا. يَعْنِي: بِلَالًا.
٣٧٥٥ - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسٍ أَنَّ بِلَالًا قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا اشْتَرَيْتَنِي لِنَفْسِكَ فَأَمْسِكْنِي، وَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا اشْتَرَيْتَنِي لِلَّهِ فَدَعْنِي وَعَمَلَ اللَّهِ.
قَوْلُهُ: (مَنَاقِبُ بِلَالِ بْنِ رَبَاحٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَآخِرُهُ مُهْمَلَةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْبُيُوعِ بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي كَيْفِيَّةِ شِرَائِهِ، وَذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ أَنَّهُ كَانَ مِنْ مُوَلَدِي السَّرَاةِ، وَاسْمُ أُمِّهِ حَمَامَةٌ وَكَانَتْ لِبَعْضِ بَنِي جُمَحٍ، وَجَاءَ عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ حَبَشِيٌّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَقِيلَ: نُوبِيٌّ.
قَوْلُهُ: (مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ) رَوَى أَبُو بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: اشْتَرَى أَبُو بَكْرٍ، بِلَالًا بِخَمْسِ أَوَاقٍ، وَهُوَ مَدْفُونٌ بِالْحِجَارَةِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ فِي الْجَنَّةِ) هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ أَوْرَدَهُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ.
قَوْلُهُ: (كَانَ عُمَرُ يَقُولُ: أَبُو بَكْرٍ سِيدُنَا، وَأَعْتَقَ سَيِّدَنَا، يَعْنِي: بِلَالًا) قَالَ ابْنُ التِّينِ: يَعْنِي أَنَّ بِلَالًا مِنَ السَّادَةِ، وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ عُمَرَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: السَّيِّدُ الْأَوَّلُ حَقِيقَةً، وَالثَّانِي قَالَهُ تَوَاضُعًا عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ، أَوْ أَنَّ السِّيَادَةَ لَا تُثْبِتُ الْأَفْضَلِيَّةَ، فَقد قَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَا رَأَيْتُ أَسْوَدَ مِنْ مُعَاوِيَةَ مَعَ أَنَّهُ رَأَى أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) هُوَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ (عَنْ قَيْسٍ) هُوَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ.
قَوْلُهُ: (أنَّ بِلَالًا قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ) كَان قَوْلهُ ذَلِكَ لِأَبِي بَكْرٍ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ صَرِيحًا فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بِلَفْظِ: قَالَ بِلَالٌ لِأَبِي بَكْرٍ حِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.
قَوْلُهُ: (فَدَعْنِي وَعَمَلَ اللَّهِ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: وَعَمَلِي لِلَّهِ. وَفِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ: فَذَرْنِي أَعْمَلُ لِلَّهِ. وَذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مِنَ الزِّيَادَةِ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ أَفْضَلَ عَمَلِ الْمُؤْمِنِ الْجِهَادَ، فَأَرَدْتُ أَنْ أُرَابِطَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لِبِلَالٍ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ وَحَقِّي، فَأَقَامَ مَعَهُ بِلَالٌ حَتَّى تُوُفِّيَ، فَلَمَّا مَاتَ أَذِنَ لَهُ عُمَرُ فَتَوَجَّهَ إِلَى الشَّامِ مُجَاهِدًا فَمَاتَ بِهَا فِي طَاعُونِ عَمْوَاسَ سَنَةَ ثَمَان عَشْرَةَ، وَقِيلَ: سَنَةً عِشْرِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِدِمَشْقَ وَدُفِنَ بِبَابِ الصَّغِيرِ وَبِهَذَا جَزَمَ النَّوَوِيُّ، وَقِيلَ: دُفِنَ بِبَابِ كَيْسَانَ، وَقِيلَ: بِدَارِيَّا، وَقِيلَ: بِحَلَبَ، وَرَدَّهُ الْمُنْذِرِيُّ وَقَالَ: الَّذِي مَاتَ بِحَلَبَ أَخُوهُ خَالِدٌ، وَزَعَمَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ