للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَأَنَّهُ لَا يُعْدَلُ إِلَى الْفَتْوَى بِالرَّأْيِ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ، وَأَنَّ الْعَالِمَ لَا نَقْصَ عَلَيْهِ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا يَدْرِي، فَوَكَلَ الْأَمْرَ إِلَى غَيْرِهِ. وَفِيهِ قَبُولُ إخْبَارِ الْآحَادِ وَالِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ فِي الْأَحْكَامِ، وَلَوْ كَانَ شَخْصًا وَاحِدًا رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً، لِاكْتِفَاءِ أُمِّ سَلَمَةَ بأَخْبَارِ الْجَارِيَةِ.

وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى فِطْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَحُسْنِ تَأَتِّيهَا بِمُلَاطَفَةِ سُؤَالِهَا وَاهْتِمَامِهَا بِأَمْرِ الدِّينِ، وَكَأَنَّهَا لَمْ تُبَاشِرِ السُّؤَالَ لِحَالِ النِّسْوَةِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدَهَا، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ إِكْرَامُ الضَّيْفِ وَاحْتِرَامُهُ، وَفِيهِ زِيَارَةُ النِّسَاءِ الْمَرْأَةَ، وَلَوْ كَانَ زَوْجُهَا عِنْدَهَا، وَالتَّنَفُّلُ فِي الْبَيْتِ وَلَوْ كَانَ فِيهِ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ، وَكَرَاهَةُ الْقُرْبِ مِنَ الْمُصَلِّي لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَتَرْكُ تَفْوِيتِ طَلَبِ الْعِلْمِ، وَإِنْ طَرَأَ مَا يَشْغَلُ عَنْهُ، وَجَوَازُ الِاسْتِنَابَةِ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ مُوَكِّلِهِ فِي الْفَضْلِ، وَتَعْلِيمُ الْوَكِيلِ التَّصَرُّفَ إِذَا كَانَ مِمَّنْ يَجْهَلُ ذَلِكَ، وَفِيهِ الِاسْتِفْهَامُ بَعْدَ التَّحَقُّقِ لِقَوْلِهَا: وَأَرَاكَ تُصَلِّيهِمَا وَالْمُبَادَرَةُ إِلَى مَعْرِفَةِ الْحُكْمِ الْمُشْكِلِ فِرَارًا مِنَ الْوَسْوَسَةِ، وَأَنَّ النِّسْيَانَ جَائِزٌ عَلَى النَّبِيِّ ، لِأَنَّ فَائِدَةَ اسْتِفْسَارِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ ذَلِكَ تَجْوِيزُهَا، إِمَّا النِّسْيَانُ، وَإِمَّا النَّسْخُ، وَإِمَّا التَّخْصِيصُ بِهِ، فَظَهَرَ وُقُوعُ الثَّالِثِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٩ - بَاب الْإِشَارَةِ فِي الصَّلَاةِ. قَالَهُ كُرَيْبٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ النَّبِيِّ

١٢٣٤ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ بَلَغَهُ أَنَّ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ كَانَ بَيْنَهُمْ شَيْءٌ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ فِي أُنَاسٍ مَعَهُ، فَحُبِسَ رَسُولُ اللَّهِ وَحَانَتْ الصَّلَاةُ، فَجَاءَ بِلَالٌ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ حُبِسَ وَقَدْ حَانَتْ الصَّلَاةُ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَؤُمَّ النَّاسَ؟ قَالَ: نَعَمْ إِنْ شِئْتَ.

فَأَقَامَ بِلَالٌ وَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَكَبَّرَ لِلنَّاسِ، وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ يَمْشِي فِي الصُّفُوفِ حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ، فَأَخَذَ النَّاسُ فِي التَّصْفِيقِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَلْتَفِتُ فِي صَلَاتِهِ، فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ الْتَفَتَ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ يَأْمُرُهُ أَنْ يُصَلِّيَ، فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ، وَرَجَعَ الْقَهْقَرَى وَرَاءَهُ حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ، فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ فَصَلَّى لِلنَّاسِ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَا لَكُمْ حِينَ نَابَكُمْ شَيْءٌ فِي الصَّلَاةِ أَخَذْتُمْ فِي التَّصْفِيقِ؟ إِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ، مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَقُلْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ حِينَ يَقُولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ إِلَّا الْتَفَتَ، يَا أَبَا بَكْرٍ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ لِلنَّاسِ حِينَ أَشَرْتُ إِلَيْكَ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : مَا كَانَ يَنْبَغِي لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ .

١٢٣٥ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ تُصَلِّي قَائِمَةً وَالنَّاسُ قِيَامٌ فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا إِلَى السَّمَاءِ فَقُلْتُ: آيَةٌ؟ فَقَالَتْ بِرَأْسِهَا: أَيْ نَعَمْ.