للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْوَاوَ فِي رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَيَقُولُ: ثَبَتَ فِيهِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ.

قَوْلُهُ: (إِذَا رَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ) أَيْ مِنَ السُّجُودِ، وَقَدْ سَاقَ الْبُخَارِيُّ هَذَا الْمَتْنَ مُخْتَصَرًا، وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى مِنْ طَرِيقِ شَبَابَةَ وَأَوَّلُهُ عِنْدَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَالَ: أَنَا أَشْبَهُكُمْ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ ، كَانَ يُكَبِّرُ إِذَا رَكَعَ، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ؛ قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، وَكَانَ يُكَبِّرُ إِذَا سَجَدَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ وَإِذَا قَامَ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ. وَرَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ بِلَفْظِ: وَإِذَا قَامَ مِنَ الثِّنْتَيْنِ كَبَّرَ. وَرَوَاهُ الطَّيَالِسِيُّ بِلَفْظِ: وَكَانَ يُكَبِّرُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالثِّنْتَيْنِ الرَّكْعَتَانِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ إِذَا قَامَ إِلَى الثَّالِثَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الْمَاضِيَةُ فِي بَابِ التَّكْبِيرِ إِذَا قَامَ مِنَ السُّجُودِ بِلَفْظِ: وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنَ الثِّنْتَيْنِ بَعْدَ الْجُلُوسِ. وَأَمَّا رِوَايَةُ الطَّيَالِسِيِّ فَالْمُرَادُ بِهَا التَّكْبِيرُ لِلسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ، وَكَأَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ ذَكَرَ مَا لَمْ يَذْكُرِ الْآخَرُ.

قَوْلُهُ: (قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ) كَذَا وَقَعَ مُغَيَّرَ الْأُسْلُوبِ إِذْ عَبَّرَ أَوَّلًا بِلَفْظِ يُكَبِّرُ؛ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: هُوَ لِلتَّفَنُّنِ أَوْ لِإِرَادَةِ التَّعْمِيمِ، لِأَنَّ التَّكْبِيرَ يَتَنَاوَلُ التَّعْرِيفَ وَنَحْوَهُ. انْتَهَى.

وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ، فَإِنَّ الرِّوَايَاتِ الَّتِي أَشَرْنَا إِلَيْهَا جَاءَتْ كُلُّهَا عَلَى أُسْلُوبٍ وَاحِدٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ تَعْيِينَ هَذَا اللَّفْظِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أَلْفَاظِ التَّعْظِيمِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ فَوَائِدِهِ فِي بَابِ التَّكْبِيرِ إِذَا قَامَ مِنَ السُّجُودِ، وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَحَلِّ التَّكْبِيرِ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ بَعْدَ بِضْعَةَ عَشَرَ بَابًا.

١٢٥ - بَاب فَضْلِ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ

٧٩٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: إِذَا قَالَ الْإِمَامُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ؛ فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ. فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.

[الحديث ٧٩٦ - أطرافه في: ٣٢٢٨]]

قَوْلُهُ: (بَابُ فَضْلِ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَلَكَ الْحَمْدُ بِإِثْبَاتِ الْوَاوِ، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى ابْنِ الْقَيِّمِ حَيْثُ جَزَمَ بِأَنَّهُ لَمْ يَرِدِ الْجَمْعُ بَيْنَ اللَّهُمَّ وَالْوَاوِ فِي ذَلِكَ. وَثَبَتَ لَفْظُ بَابٍ عِنْدَ مَنْ عَدَا أَبَا ذَرٍّ، وَالْأَصِيلِيَّ، وَالرَّاجِحُ حَذْفُهُ كَمَا سَيَأْتِي.

قَوْلُهُ: (إِذَا قَالَ الْإِمَامُ إِلَخْ) اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَقُولُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، وَعَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لِكَوْنِ ذَلِكَ لَمْ يُذْكَرْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ كَمَا حَكَاهُ الطَّحَاوِيُّ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى النَّفْيِ، بَلْ فِيهِ أَنَّ قَوْلَ الْمَأْمُومِ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ يَكُونُ عَقِبَ قَوْلِ الْإِمَامِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَالْوَاقِعُ فِي التَّصْوِيرِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْإِمَامَ يَقُولُ التَّسْمِيعَ فِي حَالِ انْتِقَالِهِ، وَالْمَأْمُومَ يَقُولُ التَّحْمِيدَ فِي حَالِ اعْتِدَالِهِ، فَقَوْلُهُ يَقَعُ عَقِبَ قَوْلِ الْإِمَامِ كَمَا فِي الْخَبَرِ، وَهَذَا الْمَوْضِعُ يَقْرُبُ مِنْ مَسْأَلَةِ التَّأْمِينِ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ إِذَا قَالَ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يُؤَمِّنُ بَعْدَ قَوْلِه وَلَا الضَّالِّينَ، وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ يُؤَمِّنُ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا أَنَّهُ يَقُولُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، لَكِنَّهُمَا مُسْتَفَادَانِ مِنْ أَدِلَّةٍ أُخْرَى صَحِيحَةٍ صَرِيحَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي التَّأْمِينِ وَكَمَا مَضَى فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَفِي غَيْرِهِ، وَيَأْتِي أَنَّهُ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ التَّسْمِيعِ وَالتَّحْمِيدِ. وَأَمَّا مَا احْتَجُّوا بِهِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى مِنْ أَنَّ مَعْنَى سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ طَلَبُ التَّحْمِيدِ فَيُنَاسِبُ حَالَ الْإِمَامِ، وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَتُنَاسِبُهُ الْإِجَابَةُ بِقَوْلِهِ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، وَيُقَوِّيهِ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ، فَفِيهِ: وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ يَسْمَعُ