وَنَقَشْتُ فِيهِ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَلَا يَنْقُشَنَّ أَحَدٌ عَلَى نَقْشِهِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ لَا يُنْقَشُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (عَلَى نَقْشِ خَاتَمِهِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَنَسٍ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْهُ فِي اتِّخَاذِ الْخَاتَمِ مِنْ فِضَّةٍ وَفِيهِ: فَلَا يَنْقُشْ أَحَدٌ عَلَى نَقْشِهِ، وَقَوْلُهُ فِيهِ: إِنَّا اتَّخَذْنَا، بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَهِيَ لِلتَّعْظِيمِ هُنَا، وَالْمُرَادُ أَنِّي اتَّخَذْتُ. وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ نَحْوَهُ وَقَالَ فِيهِ: ثُمَّ قَالَ لَا تَنْقُشُوا عَلَيْهِ، وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْأَفْرَادِ مِنْ طَرِيقِ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ أَنَا صَنَعْتُ لِلنَّبِيِّ ﷺ خَاتَمًا لَمْ يَشْرَكْنِي فِيهِ أَحَدٌ، نُقِشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ اسْمُ الَّذِي صَاغَ خَاتَمَ النَّبِيِّ ﷺ وَنَقَشَهُ. وَأَمَّا نَهْيُهُ ﷺ عَنْ أَنْ يَنْقُشَ أَحَدٌ عَلَى نَقْشِهِ أَيْ مِثْلَ نَقْشِهِ، فَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى الْحِكْمَةِ فِيهِ فِي بَابِ خَاتَمِ الْفِضَّةِ وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّفِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ نَقَشَ عَلَى خَاتَمِهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، وَكَذَا أَخْرَجَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ نَقَشَ اسْمَهُ عَلَى خَاتَمِهِ، وَكَذَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: مِنْ شَأْنِ الْخُلَفَاءِ وَالْقُضَاةِ نَقْشُ أَسْمَائِهِمْ فِي خَوَاتِمِهِمْ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ حُذَيْفَةَ وَأَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّهُ كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْحَمْدُ لِلَّهِ وَعَنْ عَلِيٍّ اللَّهُ الْمَلِكُ وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ بِاللَّهِ وَعَنْ مَسْرُوقٍ بِسْمِ اللَّهِ وَعَنِ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ الْعِزَّةُ لِلَّهِ وَعَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ لَا بَأْسَ بِنَقْشِ ذِكْرِ اللَّهِ عَلَى الْخَاتَمِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَنُقِلَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ وَبَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ كَرَاهَتُهُ انْتَهَى. قَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرَى بَأْسًا أَنْ يَكْتُبَ الرَّجُلُ فِي خَاتَمِهِ حَسْبِيَ اللَّهُ وَنَحْوَهَا، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَرَاهَةَ عَنْهُ لَمْ تَثْبُتْ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ حَيْثُ يُخَافُ عَلَيْهِ حَمْلُهُ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَالِاسْتِنْجَاءُ بِالْكَفِّ الَّتِي هُوَ فِيهَا، وَالْجَوَازُ حَيْثُ حَصَلَ الْأَمْنُ مِنْ ذَلِكَ، فَلَا تَكُونُ الْكَرَاهَةُ لِذَلِكَ بَلْ مِنْ جِهَةِ مَا يَعْرِضُ لِذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
٥٥ - بَاب هَلْ يُجْعَلُ نَقْشُ الْخَاتَمِ ثَلَاثَةَ أَسْطُرٍ؟
٥٨٧٨ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ ﵁ لَمَّا اسْتُخْلِفَ كَتَبَ لَهُ، وَكَانَ نَقْشُ الْخَاتَمِ ثَلَاثَةَ أَسْطُرٍ: مُحَمَّدٌ سَطْرٌ، وَرَسُولُ سَطْرٌ، وَاللَّهِ سَطْرٌ.
٥٨٧٩ - قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ وَزَادَنِي أَحْمَدُ:، حَدَّثَنَا الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ ﷺ فِي يَدِهِ وَفِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَهُ، وَفِي يَدِ عُمَرَ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ جَلَسَ عَلَى بِئْرِ أَرِيسَ، قَالَ: فَأَخْرَجَ الْخَاتَمَ فَجَعَلَ يَعْبَثُ بِهِ فَسَقَطَ، قَالَ: فَاخْتَلَفْنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مَعَ عُثْمَانَ، فَنَنزَحَ الْبِئْرَ فَلَمْ نجِدْهُ.
قَوْلُهُ: (بَابُ هَلْ يُجْعَلُ نَقْشُ الْخَاتَمِ ثَلَاثَةَ أَسْطُرٍ) قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: لَيْسَ كَوْنُ نَقْشِ الْخَاتَمِ ثَلَاثَةَ أَسْطُرٍ أَوْ سَطْرَيْنِ فضل مِنْ كَوْنِهِ سَطْرًا وَاحِدًا، كَذَا قَالَ. قُلْتُ: قَدْ يَظْهَرُ أَثَرُ الْخِلَافِ مِنْ أَنَّهُ إِذَا كَانَ سَطْرًا وَاحِدًا يَكُونُ الْفَصُّ مُسْتَطِيلًا لِضَرُورَةِ كَثْرَةِ الْأَحْرُفِ، فَإِذَا تَعَدَّدَتِ الْأَسْطُرُ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مُرَبَّعًا أَوْ مُسْتَدِيرًا، وَكُلٌّ مِنْهُمَا أَوْلَى مِنَ الْمُسْتَطِيلِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي أَبِي) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ.
قَوْلُهُ: (عَنْ ثُمَامَةَ) هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ عَمِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى الرَّاوِي، وَالسَّنَدُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ مِنْ آلِ أَنَسٍ.
قَوْلُهُ: (عَنْ أَنَسٍ) فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute