للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ عَمْرَةَ فَلَا الْتِفَاتَ.

قَوْلُهُ: (تَسْأَلُهَا فِي كِتَابَتِهَا) ضُمِّنَ تَسْأَلُ مَعْنَى تَسْتَعِينُ، وَثَبَتَ كَذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهَا أَهْلَكِ مُوَالِيكِ، وَحُذِفَ مَفْعُولُ أَعْطَيْتُ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ بَقِيَّةُ مَا عَلَيْهَا، وَسَيَأْتِي تَعْيِينُهُ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً) أَيْ أَنَّ سُفْيَانَ حَدَّثَ بِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَهُوَ مَوْصُولٌ غَيْرُ مُعَلَّقٍ.

قَوْلُهُ: (ذَكَّرْتُهُ ذَلِكَ) كَذَا وَقَعَ هُنَا بِتَشْدِيدِ الْكَافِ، فَقِيلَ: الصَّوَابُ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ بِلَفْظِ: ذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّذْكِيرَ يَسْتَدْعِي سَبْقَ عِلْمٍ بِذَلِكَ، وَلَا يَتَّجِهُ تَخْطِئَةُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ لِاحْتِمَالِ السَّبْقِ أَوَّلًا عَلَى وَجْهِ الْإِجْمَالِ.

قَوْلُهُ: (يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ) كَأَنَّهُ ذُكِرَ بِاعْتِبَارِ جِنْسِ الشَّرْطِ وَلَفْظُ مِائَةٍ لِلْمُبَالَغَةِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ.

قَوْلُهُ: (فِي كِتَابِ اللَّهِ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ مَا لَمْ يُنَصَّ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، فَإِنَّ لَفْظَ: الْوَلَاءِ لِمَنْ أَعْتَقَ مِنْ قَوْلِهِ ﷺ لَكِنَّ الْأَمْرَ بِطَاعَتِهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَجَازَ إِضَافَةُ ذَلِكَ إِلَى الْكِتَابِ. وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ جَازَ لَجَازَتْ إِضَافَةُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّسُولِ ﷺ إِلَيْهِ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ تِلْكَ الْإِضَافَةَ إِنَّمَا هِيَ بِطْرِيقِ الْعُمُومِ لَا بِخُصُوصِ الْمَسْأَلَةِ الْمُعَيَّنَةِ، وَهَذَا مَصِيرٌ مِنَ الْخَطَّابِيِّ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِكِتَابِ اللَّهِ هُنَا الْقُرْآنُ، وَنَظِيرُ مَا جَنَحَ إِلَيْهِ مَا قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ لِأُمِّ يَعْقُوبَ فِي قِصَّةِ الْوَاشِمَةِ: مَالِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى كَوْنِهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ هُنَا: فِي كِتَابِ اللَّهِ أَيْ: فِي حُكْمِ اللَّهِ، سَوَاءٌ ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ أَمْ فِي السُّنَّةِ. أَوِ الْمُرَادُ بِالْكِتَابِ الْمَكْتُوبُ أَيْ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ.

وَحَدِيثُ عَائِشَةَ هَذَا فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ قَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي مَوَاضِعَ أُخْرَى مِنَ الْبُيُوعِ وَالْعِتْقِ وَغَيْرِهِمَا، وَاعْتَنَى بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ فَأَفْرَدُوهُ بِالتَّصْنِيفِ. وَسَنَذْكُرُ فَوَائِدَهُ مُلَخَّصَةً مَجْمُوعَةً فِي كِتَابِ الْعِتْقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (وَرَوَاهُ مَالِكٌ) وَصَلَهُ فِي بَابِ الْمُكَاتَبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ عَنْهُ، وَصُورَةُ سِيَاقِهِ الْإِرْسَالُ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ هُنَاكَ.

قَوْلُهُ: (قَالَ عَلِيٌّ) يَعْنِي: ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْمَذْكُورَ أَوَّلَ الْبَابِ، وَيَحْيَى هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَ الْبُخَارِيَّ عَنْ أَرْبَعَةِ أَنْفُسٍ حَدَّثَهُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَإِنَّمَا أَفْرَدَ رِوَايَةَ سُفْيَانَ لِمُطَابَقَتِهَا التَّرْجَمَةَ بِذِكْرِ الْمِنْبَرِ فِيهَا، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ التَّعْلِيقَ عَنْ مَالِكٍ مُتَأَخِّرٌ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ عَنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ.

قَوْلُهُ: (عَنْ عَمْرَةَ نَحْوَهُ) يَعْنِي نَحْوَ رِوَايَةِ مَالِكٍ، وَقَدْ وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ، عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ، وَعَبْدِ الْوَهَّابِ كِلَاهُمَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةُ أَنَّ بَرِيرَةَ فَذَكَرَهُ، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْمِنْبَرِ أَيْضًا، وَصُورَتُهُ أَيْضًا الْإِرْسَالُ، لَكِنْ قَالَ فِي آخِرِهِ: فَزَعَمَتْ عَائِشَةُ أَنَّهَا ذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَظَهَرَ بِذَلِكَ اتِّصَالُهُ. وَأَفَادَتْ رِوَايَةُ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ التَّصْرِيحَ بِسَمَاعِ يَحْيَى مِنْ عَمْرَةَ وَبِسَمَاعِ عَمْرَةَ مِنْ عَائِشَةَ فَأُمِنَ بِذَلِكَ مَا يُخْشَى فِيهِ مِنَ الْإِرْسَالِ الْمَذْكُورِ وَغَيْرِهِ. وَقَدْ وَصَلَهُ النَّسَائِيُّ، وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ، وَفِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَتَتْنِي بَرِيرَةُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْمِنْبَرِ أَيْضًا.

٧١ - بَاب التَّقَاضِي وَالْمُلَازَمَةِ فِي الْمَسْجِدِ

٤٥٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ كَعْبٍ أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا