للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْعَرَبِ رَدَّ يَدِهِ فِي فِيهِ إِذَا تَرَكَ الشَّيْءَ الَّذِي كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَفْعَلَهُ، وَقَدْ رَوَى عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: عَضُّوا عَلَى أَصَابِعِهِمْ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَيُؤَيِّدُهُ الْآيَةُ الْأُخْرَى ﴿وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ﴾ وَقَالَ الشَّاعِرُ:

يَرُدُّونَ فِي فِيهِ غَيْظِ الْحَسُودِ

أَيْ يَغِيظُونَ الْحَسُودَ حَتَّى يَعَضَّ عَلَى أَصَابِعِهِ وَقِيلَ الْمَعْنَى رَدَّ الْكُفَّارَ أَيْدِي الرُّسُلَ فِي أَفَوَاهِمِ بِمَعْنَى أَنَّهُمُ امْتَنَعُوا مِنْ قَبُولِ كَلَامِهِمْ، أَوِ الْمُرَادُ بِالْأَيْدِي النِّعَمُ أَيْ رَدُّوا نِعْمَةَ الرُّسُلِ وَهِيَ نَصَائِحُهُمْ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ إِذَا كَذَبُوهَا كَأَنَّهُمْ رَدُّوهَا مِنْ حَيْثُ جَاءَتْ.

قَوْلُهُ: (مَقَامِي حَيْثُ يُقِيمُهُ اللَّهُ بَيْنَ يَدَيْهِ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي﴾ قَالَ: حَيْثُ أُقِيمُهُ بَيْنَ يَدَيَّ لِلْحِسَابِ. قُلْتُ: وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرَ قَالَ الْفَرَّاءُ أَيْضًا إِنَّهُ مَصْدَرٌ لَكِنْ قَالَ إِنَّهُ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ أَيْ قِيَامِي عَلَيْهِ بِالْحِفْظِ.

قَوْلُهُ: مِنْ وَرَائِهِ قُدَّامَهُ جَهَنَّمُ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ﴾ مَجَازَهُ قُدَّامَهُ وَأَمَامَهُ يُقَالُ: الْمَوْتُ مِنْ وَرَائِكَ أَيْ قُدَّامَكَ وَهُوَ اسْمُ لِكُلِّ مَا تَوَارَى عَنِ الشَّخْصِ، نَقَلَهُ ثَعْلَبٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

أَلَيْسَ وَرَائِي إِنْ تَرَاخَتْ مُنْيَتِي … لُزُومُ الْعَصَا تُحْنَى عَلَيْهَا الْأَصَابِعُ

وَقَوْلُ النَّابِغَةِ:

وَلَيْسَ وَرَاءُ اللَّهِ لِلْمَرْءِ مَذْهَبٌ

أَيْ بَعْدَ اللَّهِ. وَنَقَلَ قُطْرُبٌ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ مِنَ الْأَضْدَادِ، وَأَنْكَرَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَرَفَةَ نَفْطَوَيْهِ وَقَالَ: لَا يَقَعُ وَرَاءَ بِمَعْنَى أَمَامَ إِلَّا فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَانٍ.

قَوْلُهُ: ﴿لَكُمْ تَبَعًا﴾ وَاحِدُهَا تَابِعٌ مِثْلُ غَيَبٍ وَغَائِبٍ) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا، وَغَيَبُ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالتَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ.

قَوْلُهُ: ﴿بِمُصْرِخِكُمْ﴾ اسْتَصْرَخَنِي اسْتَغَاثَنِي، يَسْتَصْرِخُهُ مِنَ الصُّرَاخِ) سَقَطَ هَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ ﴿مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ﴾ أَيْ مَا أَنَا بِمُغِيثِكمْ، وَيُقَالُ اسْتَصْرَخَنِي فَأَصْرَخْتُهُ أَيِ اسْتَغَاثَنِي فَأَغَثْتُهُ.

قَوْلُهُ: (اجْتُثَّتِ اسْتُؤْصِلَتْ) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا أَيْ قُطِعَتْ جُثَثُهَا بِكَمَالِهَا. وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ، عَنْ قَتَادَةَ مِثْلَهُ، وَمِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلَ الشَّجَرَةِ الْخَبِيثَةِ بِمَثَلِ الْكَافِرِ، يَقُولُ: الْكَافِرُ لَا يُقْبَلُ عَمَلَهُ وَلَا يَصْعَدُ، فَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ ثَابِتٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فَرْعٌ فِي السَّمَاءِ وَمِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ قَالَ فِي قَوْلِهِ ﴿مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ﴾ أَيْ مَا لَهَا أَصْلٌ وَلَا فَرْعٌ وَلَا ثَمَرَةٌ وَلَا مَنْفَعَةٌ، كَذَلِكَ الْكَافِرُ لَيْسَ يَعْمَلُ خَيْرًا وَلَا يَقُولُ خَيْرًا، وَلَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ فِيهِ بَرَكَةً وَلَا مَنْفَعَةً.

١ - بَاب ﴿كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ﴾

٤٦٩٨ - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ: أَخْبِرُونِي بِشَجَرَةٍ تُشْبِهُ أَوْ كَالرَّجُلِ الْمُسْلِمِ لَا يَتَحَاتُّ وَرَقُهَا وَلَا وَلَا وَلَا، تُؤْتِي أُكْلَهَا كُلَّ حِينٍ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ لَا يَتَكَلَّمَانِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ. فَلَمَّا لَمْ يَقُولُوا شَيْئًا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : هِيَ النَّخْلَةُ، فَلَمَّا قُمْنَا قُلْتُ لِعُمَرَ: يَا أَبَتَاهُ وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَكَلَّمَ؟ قَالَ: لَمْ أَرَكُمْ تَكَلَّمُونَ فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ أَوْ أَقُولَ شَيْئًا، قَالَ عُمَرُ: لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا.

قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِهِ ﴿كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ﴾ الْآيَةَ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَسَاقَ غَيْرُهُ إِلَى (حِينٍ) وَسَقَطَ عِنْدَهُمْ