حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ
وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا قَوْلُهَا: وَكَانَ يُقَبِّلُهَا وَهُوَ صَائِمٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا شَاهِدَهُ مِنْ رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الْقُبْلَةُ فِي الصَّوْمِ لَيْسَتْ مُحَرَّمَةً عَلَى مَنْ لَمْ تُحَرِّكْ شَهْوَتَهُ لَكِنَّ الْأَوْلَى لَهُ تَرْكُهَا، وَأَمَّا مَنْ حَرَّكَتْ شَهْوَتَهُ فَهِيَ حَرَامٌ فِي حَقِّهِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: مَكْرُوهَةٌ، وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ إِبَاحَتَهَا فِي النَّفْلِ دُونَ الْفَرْضِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَلَا خِلَافَ أَنَّهَا لَا تُبْطِلُ الصَّوْمَ إِلَّا إِنْ أَنْزَلَ بِهَا. (تَنْبِيهٌ): رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَحْدَهُ مِنْ طَرِيقِ مِصْدَعِ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يُقَبِّلُهَا وَيَمُصُّ لِسَانَهَا وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَلَوْ صَحَّ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَبْتَلِعْ رِيقَهُ الَّذِي خَالَطَ رِيقَهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
٢٥ - بَاب اغْتِسَالِ الصَّائِمِ. وَبَلَّ ابْنُ عُمَرَ ﵄ ثَوْبًا فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِ وَهُوَ صَائِمٌ. وَدَخَلَ الشَّعْبِيُّ الْحَمَّامَ وَهُوَ صَائِمٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يَتَطَعَّمَ الْقِدْرَ أَوْ الشَّيْءَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: لَا بَأْسَ بِالْمَضْمَضَةِ وَالتَّبَرُّدِ لِلصَّائِمِ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِذَا كَانَ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلْيُصْبِحْ دَهِينًا مُتَرَجِّلًا. وَقَالَ أَنَسٌ: إِنَّ لِي أَبْزَنَ أَتَقَحَّمُ فِيهِ وَأَنَا صَائِمٌ.
وَيُذْكَرُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ اسْتَاكَ وَهُوَ صَائِمٌ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: يَسْتَاكُ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ وَلَا يَبْلَعُ رِيقَهُ. وَقَالَ عَطَاءٌ: إِنْ ازْدَرَدَ رِيقَهُ لَا أَقُولُ يُفْطِرُ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: لَا بَأْسَ بِالسِّوَاكِ الرَّطْبِ، قِيلَ: لَهُ طَعْمٌ، قَالَ: وَالْمَاءُ لَهُ طَعْمٌ وَأَنْتَ تُمَضْمِضُ بِهِ.
وَلَمْ يَرَ أَنَسٌ وَالْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ بِالْكُحْلِ لِلصَّائِمِ بَأْسًا
١٩٣٠ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، وَأَبِي بَكْرٍ قَالَتْ عَائِشَةُ ﵂: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ جنبا فِي رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ حُلْمٍ فَيَغْتَسِلُ وَيَصُومُ.
١٩٣١ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ بْنِ هِشَامِ بْنِ المُغِيرَةِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كُنْتُ أَنَا وَأَبِي، فَذَهَبْتُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ ﵂، قَالَتْ: أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِنْ كَانَ لَيُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ ثُمَّ يَصُومُهُ.
١٩٣٢ - ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ مِثْلَ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (بَابُ اغْتِسَالِ الصَّائِمِ) أَيْ: بَيَانُ جَوَازِهِ. قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: أَطْلَقَ الِاغْتِسَالَ لِيَشْمَلَ الْأَغْسَالَ الْمَسْنُونَةَ وَالْوَاجِبَةَ وَالْمُبَاحَةَ، وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى ضَعْفِ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ مِنَ النَّهْيِ عَنْ دُخُولِ الصَّائِمِ الْحَمَّامَ. أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ، وَاعْتَمَدَهُ الْحَنَفِيَّةُ فَكَرِهُوا الِاغْتِسَالَ لِلصَّائِمِ.
قَوْلُهُ: (وَبَلَّ ابْنُ عُمَرَ ثَوْبًا فَأُلْقِيَ عَلَيْهِ وَهُوَ صَائِمٌ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَأَلْقَاهُ وَهَذَا وَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّارِيخِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ أَنَّهُ رَأَى ابْنَ عُمَرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَمُنَاسَبَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ بَلَلَ الثَّوْبِ إِذَا طَالَتْ إِقَامَتُهُ عَلَى الْجَسَدِ حَتَّى جَفَّ يُنَزَّلُ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ الدَّلْكِ