وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ.
فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ إِذَا كَانَ بِسِعْرِ يَوْمِهِ وَلَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ. فَلَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ دَيْنًا؛ لِأَنَّ النَّهْيَ بِقَبْضِ الدَّرَاهِمِ عَنِ الدَّنَانِيرِ لَمْ يَقْصِدْ إِلَى التَّأْخِيرِ فِي الصَّرْفِ. قَالَهُ ابْنُ بَطَّالٍ، وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ: مِثْلًا بِمِثْلٍ عَلَى بُطْلَانِ الْبَيْعِ بِقَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ مُدَّ عَجْوَةٍ وَدِينَارًا بِدِينَارَيْنِ مِثْلًا، وَأَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى الْمَنْعِ حَدِيثُ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي رَدِّ الْبَيْعِ فِي الْقِلَادَةِ الَّتِي فِيهَا خَرَزٌ وَذَهَبٌ حَتَّى تُفْصَلَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ: فَقُلْتُ: إِنَّمَا أَرَدْتُ الْحِجَارَةَ، فَقَالَ: لَا، حَتَّى تُمَيِّزَ بَيْنَهُمَا.
٧٩ - بَاب بَيْعِ الدِّينَارِ بِالدِّينَارِ نَسَاءً
٢١٧٨ و ٢١٧٩ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّ أَبَا صَالِحٍ الزَّيَّاتَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ ﵁ يَقُولُ: الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ. فَقُلْتُ لَهُ: فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَا يَقُولُهُ. فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَأَلْتُهُ؟ فَقُلْتُ: سَمِعْتَهُ مِنْ النَّبِيِّ ﷺ أَوْ وَجَدْتَهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: كُلَّ ذَلِكَ لَا أَقُولُ وَأَنْتُمْ أَعْلَمُ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنِّي، وَلَكِنْ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: لَا رِبًا إِلَّا فِي النَّسِيئَةِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ بَيْعِ الدِّينَارِ بِالدِّينَارِ نَسَاءً) بِفَتْحِ النُّونِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمَدِّ وَالتَّنْوِينِ مَنْصُوبًا، أَيْ: مُؤَجَّلًا مُؤَخَّرًا، يُقَالُ: أَنْسَأَهُ نَسَاءً وَنَسِيئَةً.
قَوْلُهُ: (الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ) هُوَ أَبُو عَاصِمٍ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ، وَقَدْ حَدَّثَ فِي مَوَاضِعَ عَنْهُ بِوَاسِطَةٍ كَهَذَا الْمَوْضِعِ.
قَوْلُهُ: (سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ) كَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فَزَادَ فِيهِ: مِثْلًا بِمِثْلٍ، مِنْ زَادَ أَوِ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى.
قَوْلُهُ: (إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَا يَقُولُهُ) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ يَقُولُ غَيْرَ هَذَا.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ سَأَلْتُهُ) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: لَقَدْ لَقِيتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ لَهُ.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ: كُلَّ ذَلِكَ لَا أَقُولُ) بِنَصْبِ كُلَّ ; عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ، وَهُوَ فِي الْمَعْنَى نَظِيرُ قَوْلِهِ ﵊ فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ: كُلَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فَالْمَنْفِيُّ هُوَ الْمَجْمُوعُ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَقَالَ: لَمْ أَسمَعْهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلَا وَجَدْتُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﷿ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ: أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ لَقِيَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَفِيهِ: فَقَالَ كُلَّ ذَلِكَ لَا أَقُولُ، أَمَّا رَسُولُ اللَّهِ فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ بِهِ، وَأَمَّا كِتَابُ اللَّهِ فَلَا أَعْلَمُهُ أَيْ: لَا أَعْلَمُ هَذَا الْحُكْمَ فِيهِ، وَإِنَّمَا قَالَ لِأَبِي سَعِيدٍ: أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنِّي لِكَوْنِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَنْظَارِهِ كَانُوا أَسَنَّ مِنْهُ، وَأَكْثَرَ مُلَازَمَةً لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَفِي السِّيَاقِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ، وَابْنَ عَبَّاسٍ مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ لَا تُطْلَبُ إِلَّا مِنَ الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ.
قَوْلُهُ: (لَا رِبًا إِلَّا فِي النَّسِيئَةِ) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، وَعَطَاءٍ جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ زَادَ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ: أَلَا إِنَّمَا الرِّبَا وَزَادَ فِي رِوَايَةِ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا رِبًا فِيمَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّرْفِ فَقَالَ: أَيَدًا بِيَدٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَلَا بَأْسَ. فَأَخْبَرْتُ أَبَا سَعِيدٍ فَقَالَ: أَوَقَالَ ذَلِكَ؟ إِنَّا سَنَكْتُبُ إِلَيْهِ فَلَا يُفْتِيكُمُوهُ وَلَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّرْفِ فَلَمْ يَرَيَا بِهِ