عُتْبَةَ، وَأَمَّا أَبُو لَهَبٍ فَلَقَبٌ لُقِّبَ بِهِ لِأَنَّ وَجْهَهُ كَانَ يَتَلَأْلَأُ وَيَلْتَهِبُ جَمَالًا، قَالَ: فَهُوَ لَقَبٌ وَلَيْسَ بِكُنْيَةٍ.
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ ذَلِكَ يُقَوِّي الْإِشْكَالَ الْأَوَّلَ لِأَنَّ اللَّقَبَ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الذَّمِّ لِلْكَافِرِ لَمْ يَصْلُحْ مِنَ الْمُسْلِمِ، وَأَمَّا قَوْلُ الزَّمَخْشَرِيِّ: هَذِهِ التَّكْنِيَةُ لَيْسَتْ لِلْإِكْرَامِ بَلْ لِلْإِهَانَةِ إِذْ هِيَ كِنَايَةٌ عَنِ الْجَهَنَّمِيِّ إِذْ مَعْنَاهُ تَبَّتْ يَدَا الْجَهَنَّمِيِّ، فَهُوَ مُتَعَقَّبٌ لِأَنَّ الْكُنْيَةَ لَا نَظَرَ فِيهَا إِلَى مَدْلُولِ اللَّفْظِ، بَلِ الِاسْمُ إِذَا صُدِّرَ بِأُمٍّ أَوْ أَبٍ فَهُوَ كُنْيَةٌ، سَلَّمْنَا لَكِنَّ اللَّهَبَ لَا يَخْتَصُّ بِجَهَنَّمَ وَإِنَّمَا الْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ أَنَّ النُّكْتَةَ فِي ذِكْرِهِ بِكُنْيَتِهِ أَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ مَآلَهُ إِلَى النَّارِ ذَاتِ اللَّهَبِ وَوَافَقَتْ كُنْيَتُهُ حَالَهُ حَسُنَ أَنْ يُذْكَرَ بِهَا، وَأَمَّا مَا اسْتَشْهَدَ بِهِ النَّوَوِيُّ مِنَ الْكِتَابِ إِلَى هِرَقْلَ فَقَدْ وَقَعَ فِي نَفْسِ الْكِتَابِ ذِكْرُهُ بِعَظِيمِ الرُّومِ، وَهُوَ مُشْعِرٌ بِالتَّعْظِيمِ، وَاللَّقَبُ لِغَيْرِ الْعَرَبِ كَالْكُنَى لِلْعَرَبِ، وَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: فَرْعٌ: إِذَا كَتَبَ إِلَى مُشْرِكٍ كِتَابًا وَكَتَبَ فِيهِ سَلَامًا أَوْ نَحْوَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ كَمَا كَتَبَ النَّبِيُّ إِلَى هِرَقْلَ، فَذَكَرَ الْكِتَابَ، وَفِيهِ: عَظِيمُ الرُّومِ، وَهَذَا ظَاهِرُهُ التَّنَاقُضُ، وَقَدْ جَمَعَ أَبِي ﵀ فِي نُكَتٍ لَهُ عَلَى الْأَذْكَارِ بِأَنَّ قَوْلَهُ عَظِيمُ الرُّومِ صِفَةٌ لَازِمَةٌ لِهِرَقْلَ فَإِنَّهُ عَظِيمُهُمْ فَاكْتَفَى بِهِ ﷺ عَنْ قَوْلِهِ مَلِكُ الرُّومِ، فَإِنَّهُ لَوْ كَتَبَهَا لَأَمْكَنَ هِرَقْلَ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِهَا فِي أَنَّهُ أَقَرَّهُ عَلَى الْمَمْلَكَةِ.
قَالَ: وَلَا يَرِدُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ صَاحِبِ مِصْرَ: وَقَالَ الْمَلِكُ؛ لِأَنَّهُ حِكَايَةٌ عَنْ أَمْرٍ مَضَى وَانْقَضَى بِخِلَافِ هِرَقْلَ، انْتَهَى. وَيَنْبَغِي أَنْ يُضَمَّ إِلَيْهِ أَنَّ ذِكْرَ عَظِيمِ الرُّومِ وَالْعُدُولَ عَنْ مَلِكِ الرُّومِ حَيْثُ كَانَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ صِفَةٍ تُمَيِّزُهُ عِنْدَ الِاقْتِصَارِ عَلَى اسْمِهِ ; لِأَنَّ مَنْ يَتَسَمَّى بِهِرَقْلَ كَثِيرٌ، فَقِيلَ عَظِيمُ الرُّومِ لِيُمَيَّزَ عَمَّنْ يَتَسَمَّى بِهِرَقْلَ، فَعَلَى هَذَا فَلَا يُحْتَجُّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الْكِتَابَةِ لِكُلِّ مَلِكٍ مُشْرِكٍ بِلَفْظِ عَظِيمِ قَوْمِهِ إِلَّا إِنِ احْتِيجَ إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ لِلتَّمْيِيزِ. وَعَلَى عُمُومِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ التَّأَلُّفِ أَوْ مِنْ خَشْيَةِ الْفِتْنَةِ يَجُوزُ ذَلِكَ بِلَا تَقْيِيدٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِذَا ذُكِرَ قَيْصَرُ وَأَنَّهُ لَقَبٌ لِكُلِّ مَنْ مَلَكَ الرُّومَ فَقَدْ شَارَكَهُ فِي ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُلُوكِ كَكِسْرَى لِمَلِكِ الْفُرْسِ، وَخَاقَانَ لِمَلِكِ التُّرْكِ، وَالنَّجَاشِيِّ لِمَلِكِ الْحَبَشَةِ، وَتُبَّعٍ لِمَلِكِ الْيَمَنِ، وَبَطْلَيُوسَ لِمَلِكِ الْيُونَانِ، وَالْقَطَنُونِ لِمَلِكِ الْيَهُودِ وَهَذَا فِي الْقَدِيمِ ثُمَّ صَارَ يُقَالُ لَهُ: رَأْسُ الْجَالُوتِ، وَنُمْرُودُ لِمَلِكِ الصَّابِئَةِ، وَدَهْمِي لِمَلِكِ الْهِنْدِ، وَقُورُ لِمَلِكِ السِّنْدِ، وَيَعْبُورُ لِمَلِكِ الصِّينِ، وَذُو يَزِنَ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَذْوَاءِ لِمَلِكِ حِمْيَرَ، وَهَيَاجُ لِمَلِكِ الزَّنْجِ، وَزِنْبِيلُ لِمَلِكِ الْخَزَرِ، وَشَاهْ أَرْمَنَ لِمَلِكِ أَخْلَاطَ، وَكَابِلَ لِمَلِكِ النُّوبَةِ، وَالْأَفْشِينُ لِمَلِكِ فَرْغَانَةَ وَأُسْرُوسَنَةَ، وَفِرْعَوْنُ لِمَلِكِ مِصْرَ، وَالْعَزِيزُ لِمَنْ ضَمَّ إِلَيْهَا الْإِسْكَنْدَرِيَّةَ، وَجَالُوتُ لِمَلِكِ الْعَمَالِقَةِ ثُمَّ الْبَرْبَرِ، وَالنُّعْمَانُ لِمَلِكِ الْغَرْبِ مِنْ قِبَلِ الْفُرْسِ، نُقِلَ أَكْثَرُ هَذَا الْفَصْلِ مِنَ السِّيرَةِ لِمُغَلْطَايَ وَفِي بَعْضِهِ نَظَرٌ.
١١٦ - بَاب الْمَعَارِيضُ مَنْدُوحَةٌ عَنْ الْكَذِبِ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: سَمِعْتُ أَنَسًا: مَاتَ ابْنٌ لِأَبِي طَلْحَةَ، فَقَالَ: كَيْفَ الْغُلَامُ؟ قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: هَدَأَت نَفَسُهُ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ اسْتَرَاحَ. وَظَنَّ أَنَّهَا صَادِقَةٌ
٦٢٠٩ - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ فِي مَسِيرٍ لَهُ، فَحَدَا الْحَادِي، فَقَالَ رسول الله ﷺ: ارْفُقْ يَا أَنْجَشَةُ - وَيْحَكَ - بِالْقَوَارِيرِ.
٦٢١٠ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ.، وَأَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ فِي سَفَرٍ، وَكَانَ غُلَامٌ يَحْدُو بِهِنَّ يُقَالُ لَهُ: أَنْجَشَةُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: رُوَيْدَكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute