للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَا أَنْجَشَةُ سَوْقَكَ بِالْقَوَارِيرِ. قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: يَعْنِي النِّسَاءَ.

٦٢١١ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حدثنا حَبَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ لِلنَّبِيِّ حَادٍ يُقَالُ لَهُ: أَنْجَشَةُ، وَكَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ : رُوَيْدَكَ يَا أَنْجَشَةُ، لَا تَكْسِرْ الْقَوَارِيرَ. قَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي ضَعَفَةَ النِّسَاءِ.

٦٢١٢ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَزَعٌ، فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ فَقَالَ: مَا رَأَيْنَا مِنْ شَيْءٍ، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا.

قَوْلُهُ: (بَابٌ) بِالتَّنْوِينِ (الْمَعَارِيضُ) وَقَعَ عِنْدَ ابْنِ التِّينِ الْمَعَارِضُ بِغَيْرِ يَاءٍ، وَصَوَابُهُ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ، قَالَ: وَثَبَتَ كَذَلِكَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، وَهُوَ مِنَ التَّعْرِيضِ خِلَافِ التَّصْرِيحِ.

قَوْلُهُ: (مَنْدُوحَةٌ) بِوَزْنِ مَفْعُولَةٍ بِنُونٍ وَمُهْمَلَةٍ؛ أَيْ فُسْحَةٌ وَمُتَّسَعٌ، نَدَحْتُ الشَّيْءَ وَسَّعْتُهُ، وَانْتَدَحَ فُلَانٌ بِكَذَا اتَّسَعَ، وَانْتَدَحَتِ الْغَنَمُ فِي مَرَابِضِهَا إِذَا اتَّسَعَتْ مِنَ الْبِطْنَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ فِي الْمَعَارِيضَ من الاتساع مَا يُغْنِي عَنِ الْكَذِبِ. وَهَذِهِ التَّرْجَمَةُ لَفْظُ حَدِيثٍ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: صَحِبْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ مِنَ الْكُوفَةِ إِلَى الْبَصْرَةِ فَمَا أَتَى عَلَيْهِ يَوْمٌ إِلَّا أَنْشَدَنَا فِيهِ شِعْرًا وَقَالَ: إِنَّ فِي مَعَارِيضِ الْكَلَامِ مَنْدُوحَةً عَنِ الْكَذِبِ. وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ فِي التَّهْذِيبِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ قَتَادَةَ مَرْفُوعًا وَوَهَّاهُ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ كَامِلٍ فِي فَوَائِدِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ مِنْ طَرِيقِهِ كَذَلِكَ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا بِسَنَدٍ وَاهٍ أَيْضًا، وَلِلْمُصَنِّفِ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ عُمَرَ قَالَ: أَمَا فِي الْمَعَارِيضِ مَا يَكْفِي الْمُسْلِمَ مِنَ الْكَذِبِ؟ وَالْمَعَارِيضُ وَالْمَعَارِضُ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ أَوْ بِحَذْفِهَا كَمَا تَقَدَّمَ جَمْعُ مِعْرَاضٍ مِنَ التَّعْرِيضِ بِالْقَوْلِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ خِلَافُ التَّصْرِيحِ، وَهُوَ التَّوْرِيَةُ بِالشَّيْءِ عَنِ الشَّيْءِ. وَقَالَ الرَّاغِبُ: التَّعْرِيضُ كَلَامٌ لَهُ وَجْهَانِ فِي صِدْقٍ وَكَذِبٍ، أَوْ بَاطِنٍ وَظَاهِرٍ. قُلْتُ: وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: كَلَامٌ لَهُ وَجْهَانِ يُطْلَقُ أَحَدُهُمَا وَالْمُرَادُ لَازِمُهُ.

وَمِمَّا يَكْثُرُ السُّؤَالُ عَنْهُ الْفَرْقُ بَيْنَ التَّعْرِيضِ وَالْكِنَايَةِ، وَلِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ السُّبْكِيِّ جُزْءٌ جَمَعَهُ فِي ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ إِسْحَاقُ) هُوَ ابْنُ أَبِي طَلْحَةَ التَّابِعِيُّ الْمَشْهُورُ، وَهَذَا التَّعْلِيقُ سَقَطَ مِنْ رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ، وَهُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْجَنَائِزِ، وَشَاهِدُ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ قَوْلُ أُمِّ سُلَيْمٍ: هَدَأَ نَفَسُهُ ; وَأَرْجُو أَنْ قَدِ اسْتَرَاحَ، فَإِنَّ أَبَا طَلْحَةَ فَهِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الصَّبِيَّ الْمَرِيضَ تَعَافَى ; لِأَنَّ قَوْلَهَا: هَدَأَ مَهْمُوزٌ بِوَزْنِ سَكَنَ وَمَعْنَاهُ، وَالنَّفَسُ بِفَتْحِ الْفَاءِ مُشْعِرٌ بِالنَّوْمِ، وَالْعَلِيلُ إِذَا نَامَ أَشْعَرَ بِزَوَالِ مَرَضِهِ أَوْ خِفَّتِهِ، وَأَرَادَتْ هِيَ أَنَّهُ انْقَطَعَ بِالْكُلِّيَّةِ بِالْمَوْتِ، وَذَلِكَ قَوْلُهَا: وَأَرْجُو أَنَّهُ اسْتَرَاحَ، فُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ اسْتَرَاحَ مِنَ الْمَرَضِ بِالْعَافِيَةِ، وَمُرَادُهَا أَنَّهُ اسْتَرَاحَ مِنْ نَكَدِ الدُّنْيَا وَأَلَمِ الْمَرَضِ، فَهِيَ صَادِقَةٌ بِاعْتِبَارِ مُرَادِهَا، وَخَبَرُهَا بِذَلِكَ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْأَمْرِ الَّذِي فَهِمَهُ أَبُو طَلْحَةَ، فَمِنْ ثَمَّ قَالَ الرَّاوِي: ظَنَّ أَنَّهَا صَادِقَةٌ؛ أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا فَهِمَ هُوَ.

ثم ذكر حَدِيثُ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ أَنْجَشَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ مِنَ الشِّعْرِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ قَوْلُهُ: رِفْقًا بِالْقَوَارِيرِ، فَإِنَّهُ كَنَّى بِذَلِكَ عَنِ النِّسَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ هُنَاكَ، وَحَدِيثُ أَنَسٍ فِي فَرَسِ أَبِي طَلْحَةَ وَالْمُرَادُ مِنْهُ: إِنَّا وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا؛ أَيْ لِسُرْعَةِ جَرْيهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ، وَكَأَنَّهُ اسْتَشْهَدَ بِحَدِيثَيْ