مَهْرَهَا وَالَّذِي أَنْفَقَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَرُدَّهَا، وَاسْتُشْكِلَ هَذَا بِمَا فِي الصَّحِيحِ أَنَّ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةَ مَاتَ عَنْهَا سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ وَهُوَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَإِنَّهُ دَالٌّ عَلَى أَنَّهَا تَقَدَّمَتْ هِجْرَتُهَا وَهِجْرَةُ زَوْجِهَا، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنْ يَكُونَ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ إِنَّمَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ أَنْ هَاجَرَتْ، وَيَكُونُ الزَّوْجُ الَّذِي جَاءَ فِي طَلَبِهَا وَلَمْ تُرَدَّ عَلَيْهِ آخَرَ لَمْ يُسْلِمْ يَوْمَئِذٍ، وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي أَوَّلِ الشُّرُوطِ أَسْمَاءً عِدَّةً مِمَّنْ هَاجَرَ مِنْ نِسَاءِ الْكُفَّارِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ.
٢٠ - بَاب إِذَا أَسْلَمَتْ الْمُشْرِكَةُ أَوْ النَّصْرَانِيَّةُ تَحْتَ الذِّمِّيِّ أَوْ الْحَرْبِيِّ، وَقَالَ عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِذَا أَسْلَمَتْ النَّصْرَانِيَّةُ قَبْلَ زَوْجِهَا بِسَاعَةٍ حَرُمَتْ عَلَيْهِ، وَقَالَ دَاوُدُ عَنْ إِبْراهِيمَ الصَّائِغِ: سُئِلَ عَطَاءٌ عَنْ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ أَسْلَمَتْ ثُمَّ أَسْلَمَ زَوْجُهَا فِي الْعِدَّةِ أَهِيَ امْرَأَتُهُ؟ قَالَ: لَا، إِلَّا أَنْ تَشَاءَ هِيَ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَصَدَاقٍ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: إِذَا أَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ يَتَزَوَّجُهَا، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾ وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ فِي مَجُوسِيَّيْنِ أَسْلَمَا: هُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا، وَإِذَا سَبَقَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ وَأَبَى الْآخَرُ بَانَتْ لَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ: امْرَأَةٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ جَاءَتْ إِلَى الْمُسْلِمِينَ أَيُعَاوَضُ زَوْجُهَا مِنْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا﴾ قَالَ: لَا، إِنَّمَا كَانَ ذَلكَ بَيْنَ النَّبِيِّ ﷺ وَبَيْنَ أَهْلِ الْعَهْدِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هَذَا كُلُّهُ فِي صُلْحٍ بَيْنَ النَّبِيِّ ﷺ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ.
٥٢٨٨ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ. ح. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ ﵂ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ قَالَتْ: كَانَتْ الْمُؤْمِنَاتُ إِذَا هَاجَرْنَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ يَمْتَحِنُهُنَّ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا الشَّرْطِ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ فَقَدْ أَقَرَّ بِالْمِحْنَةِ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا أَقْرَرْنَ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِنَّ قَالَ لَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: انْطَلِقْنَ فَقَدْ بَايَعْتُكُنَّ، لَا وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ، غَيْرَ أَنَّهُ بَايَعَهُنَّ بِالْكَلَامِ، وَاللَّهِ مَا أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى النِّسَاءِ إِلَّا بِمَا أَمَرَ اللَّهُ، يَقُولُ لَهُنَّ إِذَا أَخَذَ عَلَيْهِنَّ: قَدْ بَايَعْتُكُنَّ، كَلَامًا.
قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا أَسْلَمَتِ الْمُشْرِكَةُ أَوِ النَّصْرَانِيَّةُ تَحْتَ الذِّمِّيِّ أَوِ الْحَرْبِيِّ) كَذَا اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ النَّصْرَانِيَّةِ وَهُوَ مِثَالٌ وَإِلَّا فَالْيَهُودِيَّةُ كَذَلِكَ، فَلَوْ عَبَّرَ بِالْكِتَابِيَّةِ لَكَانَ أَشْمَلَ، وَكَأَنَّهُ رَاعَى لَفْظَ الْأَثَرِ الْمَنْقُولِ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَجْزِمْ بِالْحُكْمِ لِإِشْكَالِهِ، بَلْ أَوْرَدَ التَّرْجَمَةَ مَوْرِدَ السُّؤَالِ فَقَطْ، وَقَدْ جَرَتْ عَادَتُهُ أَنَّ دَلِيلَ الْحُكْمِ إِذَا كَانَ مُحْتَمِلًا لَا يَجْزِمُ بِالْحُكْمِ، وَالْمُرَادُ بِالتَّرْجَمَةِ بَيَانُ حُكْمِ إِسْلَامِ الْمَرْأَةِ قَبْلَ زَوْجِهَا هَلْ تَقَعُ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِمُجَرَّدِ إِسْلَامِهَا، أَوْ يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ، أَوْ يُوقَفُ فِي الْعِدَّةِ، فَإِنْ أَسْلَمَ اسْتَمَرَّ النِّكَاحُ وَإِلَّا وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا؟ وَفِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ وَتَفَاصِيلُ يَطُولُ شَرْحُهَا، وَمَيْلُ الْبُخَارِيِّ إِلَى أَنَّ الْفُرْقَةَ تَقَعُ بِمُجَرَّدِ الْإِسْلَامِ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ خَالِدٍ) هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute