الثَّلَاثَةِ، وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ بِالْمَسْجِدَيْنِ الْمَكِّيِّ وَالْمَدَنِيِّ.
وَكَمَا أَنَّ الْجَمَاعَةَ تَتَفَاوَتُ فِي الْفَضْلِ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا ذُكِرَ كَذَلِكَ يَفُوقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَلِذَلِكَ عَقَّبَ الْمُصَنِّفُ التَّرْجَمَةَ الْمُطْلَقَةَ فِي فَضْلِ الْجَمَاعَةِ بِالتَّرْجَمَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِصَلَاةِ الْفَجْرِ، وَاسْتَدَلَّ بِهَا عَلَى أَنَّ أَقَلَّ الْجَمَاعَةِ إِمَامٌ وَمَأْمُومٌ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابٍ مُفْرَدٍ قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
٣١ - بَاب فَضْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ فِي جَمَاعَةٍ
٦٤٨ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: تَفْضُلُ صَلَاةُ الْجَمِيعِ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ وَحْدَهُ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا، وَتَجْتَمِعُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾.
٦٤٩ - قال شُعَيْبٌ: وَحَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: تَفْضُلُهَا بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً.
٦٥٠ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ سَالِمًا قَالَ سَمِعْتُ أُمَّ الدَّرْدَاءِ تَقُولُ دَخَلَ عَلَيَّ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَهُوَ مُغْضَبٌ فَقُلْتُ مَا أَغْضَبَكَ فَقَالَ وَاللَّهِ مَا أَعْرِفُ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ شَيْئًا إِلاَّ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ جَمِيعًا
٦٥١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ قال النبي ﷺ: "أَعْظَمُ النَّاسِ أَجْرًا فِي الصَّلَاةِ أَبْعَدُهُمْ فَأَبْعَدُهُمْ مَمْشًى وَالَّذِي يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الإِمَامِ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ الَّذِي يُصَلِّي ثُمَّ يَنَامُ"
قَوْلُهُ: (بَابُ فَضْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ فِي جَمَاعَةٍ) هَذِهِ التَّرْجَمَةُ أَخَصُّ مِنَ الَّتِي قَبْلَهَا، وَمُنَاسَبَةُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَهَا مِنْ قَوْلِهِ وَتَجْتَمِعُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى مَزِيَّةٍ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ عَلَى غَيْرِهَا. وَزَعَمَ ابْنُ بَطَّالٍ أَنَّ فِي قَوْلِهِ وَتَجْتَمِعُ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الدَّرَجَتَيْنِ الزَّائِدَتَيْنِ عَلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ تُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ، وَلِهَذَا عَقَّبَهُ بِرِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ الَّتِي فِيهَا بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الِاجْتِمَاعِ الْمَذْكُورِ فِي بَابِ فَضْلِ صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنَ الْمَوَاقِيتِ.
قَوْلُهُ: (بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا) كَذَا فِي النُّسَخِ الَّتِي وَقَفْتُ عَلَيْهَا، وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ فِي نُكَتِهِ أَنَّهُ وَقَعَ فِي الصَّحِيحَيْنِ خَمْسٍ بِحَذْفِ الْمُوَحَّدَةِ مِنْ أَوَّلِهِ وَالْهَاءِ مِنْ آخِرِهِ، قَالَ: وَخَفْضُ خَمْسٍ عَلَى تَقْدِيرِ الْبَاءِ، كَقَوْلِ الشَّاعِرِ
أَشَارَتْ كُلَيْبٍ بِالْأَكُفِّ الْأَصَابِعُ
أَيْ إِلَى كُلَيْبٍ. وَأَمَّا حَذْفُ الْهَاءِ فَعَلَى تَأْوِيلِ الْجُزْءِ بِالدَّرَجَةِ. انْتَهَى. وَقَدْ أَوْرَدَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي التَّفْسِيرِ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ فَضْلُ صَلَاةِ الْجَمِيعِ عَلَى صَلَاةِ الْوَاحِدِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً.
قَوْلُهُ: (قَالَ شُعَيْبٌ وَحَدَّثَنِي نَافِعٌ) أَيْ بِالْحَدِيثِ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِرِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ عَنْ نَافِعٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَطَرِيقُ شُعَيْبٍ هَذِهِ مَوْصُولَةٌ، وَجَوَّزَ الْكِرْمَانِيُّ أَنْ تَكُونَ مُعَلَّقَةً وَهُوَ بَعِيدٌ، بَلْ هِيَ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ، وَالتَّقْدِيرُ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ شُعَيْبٌ: وَنَظَائِرُ هَذَا