لِطُولِ مَقَامِهِ أَوْ يَعْرِضُ لَهُ بِمَا يُؤْذِيهِ أَوْ يَظُنُّ بِهِ ظَنًّا سَيِّئًا، وَهَذَا كُلُّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا لَمْ تَكُنِ الْإِقَامَةُ بِاخْتِيَارِ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ بِأَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ الزِّيَادَةَ فِي الْإِقَامَةِ أَوْ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَكْرَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ: حَتَّى يُحْرِجَهُ لِأَنَّ مَفْهُومَهُ إِذَا ارْتَفَعَ الْحَرَجُ أَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ. وَوَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ قِيلَ: يَا رَسُولَ، وَمَا يُؤَثِّمُهُ؟ قَالَ: يُقِيمُ عِنْدَهُ لَا يَجِدُ شَيْئًا يُقَدِّمُهُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالْحَاكِمُ، وَفِيهِ قِصَّةٍ لِسَلْمَانَ مَعَ ضَيْفِهِ حَيْثُ طَلَبَ مِنْهُ زِيَادَةً عَلَى مَا قَدَّمَ لَهُ فَرَهَنَ مَطْهَرَتَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ إِنَّمَا كُرِهَ لَهُ الْمَقَامُ بَعْدَ الثَّلَاثِ لِئَلَّا يُؤْذِيَهُ فَتَصِيرَ الصَّدَقَةُ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ الْمَنِّ وَالْأَذَى. قُلْتُ: وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ فِي الْحَدِيثِ فَمَا زَادَ فَهُوَ صَدَقَةٌ، فَمَفْهُومُهُ أَنَّ الَّذِي فِي الثَّلَاثِ لَا يُسَمَّى صَدَقَةً، فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: لِئَلَّا يُؤْذِيَهُ فَيُوقِعَهُ فِي الْإِثْمِ بَعْدَ أَنْ كَانَ مَأْجُورًا.
٨٦ - بَاب صُنْعِ الطَّعَامِ وَالتَّكَلُّفِ لِلضَّيْفِ
٦١٣٩ - حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعُمَيْسِ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: آخَى النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ سَلْمَانَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، فَزَارَ سَلْمَانُ، أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا، فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا، فَقَالَ: كُلْ فَإِنِّي صَائِمٌ فقَالَ: مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ؛ فَأَكَلَ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ فَقَالَ: نَمْ، فَنَامَ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ فَقَالَ: نَمْ فَلَمَّا كَانَ آخِرُ اللَّيْلِ قَالَ سَلْمَانُ: قُمْ الْآنَ، قَالَ: فَصَلَّيَا فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ. فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: صَدَقَ سَلْمَانُ.
أَبُو جُحَيْفَةَ وَهْبٌ الشوَائِيُّ يُقَالُ: وَهْبُ الْخَيْرِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ صُنْعِ الطَّعَامِ وَالتَّكَلُّفِ لِلضَّيْفِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي جُحَيْفَةَ فِي قِصَّةِ سَلْمَانَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا تَرْجَمَ لَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ إِيضَاحُ ذَلِكَ مَعَ بَقِيَّةِ شَرْحِهِ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ.
قَوْلُهُ: (أَبُو جُحَيْفَةَ وَهْبٌ السُّوَائِيُّ) يَعْنِي بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَالْمَدِّ (وَهْبُ الْخَيْرِ) أَيْ كَانَ يُقَالُ لَهُ وَهْبُ الْخَيْرِ، وَهَذَا لَمْ يَقَعْ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ. وَوَقَعَ فِي التَّكَلُّفِ لِلضَّيْفِ حَدِيثُ سَلْمَانَ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ نَتَكَلَّفَ لِلضَّيْفِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالْحَاكِمُ، فِيهِ قِصَّةُ سَلْمَانَ مَعَ ضَيْفِهِ حَيْثُ طَلَبَ مِنْهُ زِيَادَةً عَلَى مَا قَدَّمَ لَهُ، فَرَهَنَ مَطْهَرَتَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ الرَّجُلُ لَمَّا فَرَغَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَنَعْنَا بِمَا رَزَقَنَا. فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: لَوْ قَنَعْتَ مَا كَانَتْ مَطْهَرَتِي مَرْهُونَةٌ.
٨٧ - بَاب مَا يُكْرَهُ مِنْ الْغَضَبِ وَالْجَزَعِ عِنْدَ الضَّيْفِ
٦١٤٠ - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ﵄، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ تَضَيَّفَ رَهْطًا فَقَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: دُونَكَ أَضْيَافَكَ، فَإِنِّي مُنْطَلِقٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَافْرُغْ مِنْ قِرَاهُمْ قَبْلَ أَنْ أَجِيءَ، فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَأَتَاهُمْ بِمَا عِنْدَهُ فَقَالَ: اطْعَمُوا فَقَالُوا: أَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute