للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سُفْيَانُ) هُوَ الثَّوْرِيُّ وَمَنْصُورٌ هُوَ ابْنُ الْمُعْتَمِرِ، وَطَلْحَةُ هُوَ ابْنُ مُطَرِّفٍ، وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ إِلَّا الصَّحَابِيَّ فَإِنَّهُ سَكَنَ الْبَصْرَةَ وَقَدْ دَخَلَ الْكُوفَةَ مِرَارًا، وَصَرَّحَ يَحْيَى الْقَطَّانُ بِالتَّحْدِيثِ بَيْنَ مَنْصُورٍ، وَسُفْيَانَ كَمَا سَيَأْتِي فِي اللُّقَطَةِ.

قَوْلُهُ: (مَسْقُوطَةٍ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ. وَفِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ: مُسْقَطَةٍ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْقَافِ، قَالَ ابْنُ التَّيْمِيِّ قَوْلُهُ: مَسْقُوطَةٍ كَلِمَةٌ غَرِيبَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ سَقَطَ لَازِمٌ، وَالْعَرَبُ قَدْ تَذْكُرُ الْفَاعِلَ بِلَفْظِ الْمَفْعُولِ; وَاسْتَشْهَدَ لَهُ الْخَطَّابِيُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا﴾ أَيْ: آتَيَا وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: مَسْقُوطَةٌ بِمَعْنَى سَاقِطَةٍ كَقَوْلِهِ ﴿حِجَابًا مَسْتُورًا﴾ أَيْ: سَاتِرًا. وَقَالَ ابْنُ مَالِكٍ فِي الشَّوَاهِدِ: قَوْلُهُ مَسْقُوطَةٍ بِمَعْنَى مُسْقَطَةٍ وَلَا فِعْلَ لَهُ، وَنَظِيرُهُ مَرْقُوقٌ بِمَعْنَى مُرَقٍّ أَيْ: مُسْتَرَقٍّ عَنِ ابْنِ جِنِّي، قَالَ: وَكَمَا جَاءَ مَفْعُولٌ وَلَا فِعْلَ لَهُ جَاءَ فِعْلٌ وَلَا مَفْعُولَ لَهُ، كَقِرَاءَةِ النَّخَعِيِّ: (عُمُوا وَصُمُّوا) بِضَمِّ أَوَّلِهِمَا وَلَمْ يَجِئْ مَصْمُومٌ اكْتِفَاءً بِأَصَمَّ. قُلْتُ: وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ قَبِيصَةَ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ فَقَالَ: مَطْرُوحَةٍ وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْ قَبِيصَةَ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ فَقَالَ: بِتَمْرَةٍ وَلَمْ يَقُلْ مَسْقُوطَةٍ وَلَا مُسْقَطَةٍ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ هَمَّامٌ. . . إِلَخْ) وَصَلَهُ فِي اللُّقَطَةِ بِتَمَامِهِ وَلَفْظُهُ: إِنِّي لَأَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِي فَأَجِدُ التَّمْرَةَ سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي فَأَرْفَعُهَا لِآكُلَهَا ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً فَأُلْقِيَهَا. قُلْتُ: وَلَمْ يَسْتَحْضِرِ الْكَرْمَانِيُّ لَفْظَ رِوَايَةِ هَمَّامٍ فَقَالَ: تَمَامُ الْحَدِيثِ غَيْرُ مَذْكُورٍ، وَهُوَ لَوْلَا أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً لَأَكَلْتُهَا. قُلْتُ: وَالنُّكْتَةُ فِي ذِكْرِهِ هُنَا مَا فِيهِ مِنْ تَعْيِينِ الْمَحَلِّ الَّذِي رَأَى فِيهِ التَّمْرَةَ وَهُوَ فِرَاشُهُ ، وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَأْكُلْهَا وَذَلِكَ أَبْلَغُ فِي الْوَرَعِ. قَالَ الْمُهَلَّبُ: لَعَلَّهُ كَانَ يَقْسِمُ الصَّدَقَةَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ فَيَعْلَقُ بِثَوْبِهِ مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ شَيْءٌ فَيَقَعُ فِي فِرَاشِهِ، وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ أَكْلِهِ مِنَ اللَّحْمِ الَّذِي تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ. قُلْتُ: وَلَمْ يَنْحَصِرْ وُجُودُ شَيْءٍ مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ فِي غَيْرِ بَيْتِهِ حَتَّى يُحْتَاجَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ، بَلْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ التَّمْرُ حُمِلَ إِلَى بَعْضِ مَنْ يَسْتَحِقُّ الصَّدَقَةَ مِمَّنْ هُوَ فِي بَيْتِهِ وَتَأَخَّرَ تَسْلِيمُ ذَلِكَ لَهُ، أَوْ حُمِلَ إِلَى بَيْتِهِ فَقَسَمَهُ فَبَقِيَتْ مِنْهُ بَقِيَّةٌ.

وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: تَضَوَّرَ النَّبِيُّ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقِيلَ لَهُ: مَا أَسْهَرَكَ؟ قَالَ: إِنِّي وَجَدْتُ تَمْرَةً سَاقِطَةً فَأَكَلْتُهَا، ثُمَّ ذَكَرْتُ تَمْرًا كَانَ عِنْدَنَا مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ فَمَا أَدْرِي أَمِنْ ذَلِكَ كَانَتِ التَّمْرَةُ أَوْ مِنْ تَمْرِ أَهْلِي، فَذَلِكَ أَسْهَرَنِي وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّعَدُّدِ، وَأَنَّهُ لَمَّا اتَّفَقَ لَهُ أَكْلُ التَّمْرَةِ كَمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَأَقْلَقَهُ ذَلِكَ صَارَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا وَجَدَ مِثْلَهَا مِمَّا يُدْخِلُ التَّرَدُّدَ تَرَكَهُ احْتِيَاطًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي حَالَةِ أَكْلِهِ إِيَّاهَا كَانَ فِي مَقَامِ التَّشْرِيعِ وَفِي حَالِ تَرْكِهِ كَانَ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ. وَقَالَ الْمُهَلَّبُ: إِنَّمَا تَرَكَهَا تَوَرُّعًا وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَيْتِ الْإِنْسَانِ عَلَى الْإِبَاحَةِ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَفِيهِ تَحْرِيمُ قَلِيلِ الصَّدَقَةِ عَلَى النَّبِيِّ ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَحْرِيمُ كَثِيرِهَا مِنْ بَابِ أَوْلَى.

٥ - باب مَنْ لَمْ يَرَ الْوَسَاوِسَ وَنَحْوَهَا مِنْ الشُّبُهَاتِ

٢٠٥٦ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ قَالَ: شُكِيَ إِلَى النَّبِيِّ الرَّجُلُ يَجِدُ فِي الصَّلَاةِ شَيْئًا أَيَقْطَعُ الصَّلَاةَ؟ قَالَ: لَا. حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَفْصَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ: لَا وُضُوءَ إِلَّا فِيمَا وَجَدْتَ الرِّيحَ أَوْ سَمِعْتَ الصَّوْتَ.

٢٠٥٧ - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِيُّ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ