عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ﴾ قَالَ أَيْ بَلَى إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ، وَقَالَ الطَّبَرِيُّ مَعْنَى جَرَمَ أَيْ كَسْبَ الذَّنْبُ ثُمَّ كُثْرَ اسْتِعْمَالُهُ فِي مَوْضِعٍ لَا بُدَّ كَقَوْلِهِمْ لَا جَرَمَ أَنَّكَ ذَاهِبٌ، وَفِي مَوْضِعٍ حَقًّا كَقَوْلِكَ لَا جَرَمَ لَتَقُومَنَّ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ غَيْرُهُ ﴿وَحَاقَ﴾ نَزَلَ يَحِيقُ يَنْزِلُ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَحَاقَ بِهِمْ﴾ أَيْ نَزَلَ بِهِمْ وَأَصَابَهُمْ.
قَوْلُهُ: (يَئُوسٌ فَعُولٌ مِنْ يَئِسْتُ) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا، قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿لَيَئُوسٌ كَفُورٌ﴾ هُوَ فَعُولٌ مِنْ يَئِسْتُ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ تَبْتَئِسُ تَحْزَنُ) وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ أَيْضًا قَالَ فِي قَوْلِهِ ﴿فَلا تَبْتَئِسْ﴾ قَالَ: لَا تَحْزَنْ، وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ نَحْوَهُ.
قَوْلُهُ: ﴿يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ﴾ شَكٌّ وَامْتِرَاءٌ فِي الْحَقِّ ﴿لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ﴾ مِنَ اللَّهِ إِنِ اسْتَطَاعُوا) وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ أَيْضًا قَالَ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ﴾ قَالَ شَكُّ وَامْتِرَاءُ فِي الْحَقِّ لِيَسْتَخْفُوا مِنَ اللَّهِ إِنِ اسْتَطَاعُوا، وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْهُ، وَمِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: أَخْفَى مَا يَكُونُ الْإِنْسَانُ إِذَا أَسَرَّ فِي نَفْسِهِ شَيْئًا بِثَوْبِهِ، وَاللَّهُ مَعَ ذَلِكَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ. وَمِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ ﴿يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ﴾ الشَّاكُّ فِي اللَّهِ وَعَامِلُ السَّيِّئَاتِ يَسْتَغْشِي بِثِيَابِهِ وَيَسْتَكِنُّ مِنَ اللَّهِ، وَاللَّهُ يَرَاهُ وَيَعْلَمُ مَا يُسِرُّ وَمَا يُعْلِنُ. وَالثَّنْيُ يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الشَّكِّ فِي الْحَقِّ وَالْإِعْرَاضِ عَنْهُ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْمُنَافِقِينَ، كَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا مَرَّ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ ثَنَى صَدْرَهُ وَطَأْطَأَ رَأْسَهُ وَتَغَشَّى بِثَوْبِهِ لِئَلَّا يَرَاهُ، أَسْنَدَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْهُ، وَهُوَ بَعِيدٌ فَإِنَّ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ، وَسَيَأْتِي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا يُخَالِفُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ، لَكِنَّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُمْكِنٌ.
(تَنْبِيهٌ):
قَدَّمْتُ هَذِهِ التَّفَاسِيرَ مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ إِلَى هُنَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، وَهِيَ عِنْدَ الْبَاقِينَ مُؤَخَّرَةٌ عَمَّا سَيَأْتِي إِلَى قَوْلِهِ أَقْلِعِي أَمْسِكِي.
١ - باب أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ وَقَالَ غَيْرُهُ: ﴿وَحَاقَ﴾ نَزَلَ. ﴿يَحِيقُ﴾ يَنْزِلُ. يَئُوسٌ: فَعُولٌ مِنْ يَئِسْتُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿تَبْتَئِسْ﴾ تَحْزَنْ. ﴿يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ﴾ شَكٌّ وَامْتِرَاءٌ فِي الْحَقِّ، ﴿لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ﴾ مِنْ اللَّهِ إِنْ اسْتَطَاعُوا.
٤٦٨١ - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَبَّاحٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ:، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: أَلَا إِنَّهُمْ تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ. قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ: أُنَاسٌ كَانُوا يَسْتَحْيُونَ أَنْ يَتَخَلَّوْا فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ، وَأَنْ يُجَامِعُوا نِسَاءَهُمْ فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ فَنَزَلَ ذَلِكَ فِيهِمْ.
[الحديث ٤٦٨١ - طرفاه في: ٤٦٨٢، ٤٦٨٣]
٤٦٨٢ - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَرَأَ: أَلَا إِنَّهُمْ تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ. قُلْتُ: يَا أَبَا الْعَبَّاسِ، مَا تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ؟ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يُجَامِعُ