مَذْهَبِ مَالِكٍ قَوْلَيْنِ، وَحَكَاهُ الْقُرْطُبِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ مِنْ أَصْحَابِهِمْ وَوَصَفَ قَوْلَهُ بِالشُّذُوذِ، وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهَا إِذَا أَخَّرَتْ غُسْلَهَا حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ فَيَوْمُهَا يَوْمُ فِطْرٍ؛ لِأَنَّهَا فِي بَعْضِهِ غَيْرُ طَاهِرَةٍ، قَالَ: وَلَيْسَ كَالَّذِي يُصْبِحُ جُنُبًا؛ لِأَنَّ الِاحْتِلَامَ لَا يَنْقُضُ الصَّوْمَ وَالْحَيْضُ يَنْقُضُهُ.
٢٣ - بَاب الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ
وَقَالَتْ عَائِشَةُ ﵂: يَحْرُمُ عَلَيْهِ فَرْجُهَا
١٩٢٧ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ.
وَقَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿مَآرِبُ﴾ حَاجَةٌ. قَالَ طَاوُسٌ: ﴿أُولِي الإِرْبَةِ﴾ الْأَحْمَقُ لَا حَاجَةَ لَهُ فِي النِّسَاءِ.
وقال جابر بن زيد: إن نظر فأمنى يتم صومه.
[الحديث ١٩٢٧ - طرفه في: ١٩٢٨]
قَوْلُهُ: (بَابُ الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ) أَيْ: بَيَانُ حُكْمِهَا، وَأَصْلُ الْمُبَاشَرَةِ الْتِقَاءُ الْبَشَرَتَيْنِ، وَيُسْتَعْمَلُ فِي الْجِمَاعِ سَوَاءٌ أَوْلَجَ أَوْ لَمْ يُولِجْ. وَلَيْسَ الْجِمَاعُ مُرَادًا بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَتْ عَائِشَةُ ﵂ يَحْرُمُ عَلَيْهِ فَرْجُهَا) وَصَلَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عُقَيْلٍ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ عِقَالٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ: مَا يَحْرُمُ عَلَيَّ مِنِ امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ؟ قَالَتْ: فَرْجُهَا إِسْنَادُهُ إِلَى حَكِيمٍ صَحِيحٌ، وَيُؤَدِّي مَعْنَاهُ أَيْضًا مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ مَسْرُوقٍ سَأَلْتُ عَائِشَةَ: مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ صَائِمًا؟ قَالَتْ: كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الْجِمَاعَ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ شُعْبَةَ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَوَقَعَ لِلْكُشْمِيهَنِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ بِمُهْمَلَةٍ وَآخِرُهُ دَالٌ، وَهُوَ غَلَطٌ فَاحِشٌ فَلَيْسَ فِي شُيُوخِ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ أَحَدٌ اسْمُهُ سَعِيدٌ حَدَّثَهُ عَنِ الْحَكَمِ، الْحَكَمُ الْمَذْكُورُ هُوَ ابْنُ عُتَيْبَةَ، وَإِبْرَاهِيمُ هُوَ النَّخَعِيُّ. وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ، عَنْ يُوسُفَ الْقَاضِي، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ شُعْبَةَ عَلَى الصَّوَابِ، لَكِنْ وَقَعَ عِنْدَهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ عَلْقَمَةَ، وَشُرَيْحَ بْنَ أَرْطَاةَ رَجُلَانِ مِنَ النَّخَعِ كَانَا عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: سَلْهَا عَنِ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ. قَالَ: مَا كُنْتُ لِأَرْفُثَ عِنْدَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ. قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: رَوَاهُ غُنْدَرٌ، وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ شُعْبَةَ فَقَالُوا عَنْ عَلْقَمَةَ وَحَدَّثَ بِهِ الْبُخَارِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ شُعْبَةَ فَقَالَ: عَنِ الْأَسْوَدِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَصَرَّحَ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ حَمْزَةَ فِيمَا ذَكَرَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ عَنْهُ بِأَنَّهُ خَطَأٌ.
قُلْتُ: وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنَ الْبُخَارِيِّ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ كَمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ، وَكَأَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ حَرْبٍ حَدَّثَ بِهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ، فَإِنْ كَانَ حَفِظَهُ عَنْ شُعْبَةَ فَلَعَلَّ شُعْبَةَ حَدَّثَ بِهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ، وَإِلَّا فَأَكْثَرُ أَصْحَابِ شُعْبَةَ لَمْ يَقُولُوا فِيهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَنِ الْأَسْوَدِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا: فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ كَرِوَايَةِ يُوسُفَ الْمُتَقَدِّمَةِ وَصُورَتُهَا الْإِرْسَالُ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِطَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، وَشُرَيْحٍ، وَقَدْ تَرْجَمَ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ الِاخْتِلَافَ فِيهِ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَالِاخْتِلَافَ عَلَى الْحَكَمِ وَعَلَى الْأَعْمَشِ وَعَلَى مَنْصُورٍ وَعَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ، كُلُّهُمْ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَأَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقِ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: خَرَجَ نَفَرٌ مِنَ النَّخَعِ فِيهِمْ رَجُلٌ يُدْعَى شُرَيْحًا فَحَدَّثَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ،