[٥ - باب انتقام الرب جل وعز من خلقه بالقحط إذا انتهكت محارم الله]
قولُهُ: (بَابُ انْتِقَامِ الرَّبِ ﷿ مِنْ خَلْقِهُ بِالْقَحْطِ إِذَا انْتُهِكَتْ مَحَارِمُهُ، هَكَذَا وَقَعَتْ هَذَهِ التَّرْجَمَةُ فِي رِوَايَةِ الْحَموِي وَحْدَهُ خَالِيَةً مِنْ حَدِيثٍ وَمِنْ أَثَرٍ. قَالَ ابْنُ رَشِيدٍ: كَأَنَّهَا كَانَتْ فِي رقْعَةٍ مُفْرَدَةٍ فَأَهْمَلَهَا الْبَاقُونَ، وَكَأَنَّهُ وَضَعَهَا لِيُدْخِلَ تَحْتَهَا حَدِّيًّا، وَأَلْيَقُ شَيْءٍ بِهَا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، يَعْنِي الْمَذْكُورَ فِي ثَانِي بَابٍ مِنَ الِاسْتِسْقَاءِ، وَأَخَّرَ ذَلِكَ لِيَقَعَ لَهُ التَّغْيِيرُ فِي بَعْضِ سَنَدِهِ كَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُ غَالِبًا فَعَاقَهُ عَنْ ذَلِكَ عَائِقٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
٦ - بَاب الِاسْتِسْقَاءِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ
١٠١٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَذْكُرُ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ بَابٍ كَانَ وِجَاهَ الْمِنْبَرِ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَائِمٌ يَخْطُبُ فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَائِمًا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتْ الْمَوَاشِي، وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا، قَالَ أَنَسُ: وَلَا وَاللَّهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ وَلَا قَزَعَةً وَلَا شَيْئًا وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلَا دَارٍ، قَالَ: فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ فَلَمَّا تَوَسَّطَتْ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ، قَالَ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سِتًّا، ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ فِي الْجُمُعَةِ الْمُقْبِلَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَائِمٌ يَخْطُبُ فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِمًا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتْ الْأَمْوَالُ وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ فَادْعُ اللَّهَ يُمْسِكْهَا، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ وَالْجِبَالِ وَالْآجَامِ وَالظِّرَابِ وَالْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ، قَالَ: فَانْقَطَعَتْ وَخَرَجْنَا نَمْشِي فِي الشَّمْسِ، قَالَ شَرِيكٌ: فَسَأَل تُ أَنَسًا أَهُوَ الرَّجُلُ الْأَوَّلُ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي.
قَوْلُهُ: (بَابُ الِاسْتِسْقَاءِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ) أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِلَى أَنَّ الْخُرُوجَ إِلَى الْمُصَلَّى لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الِاسْتِسْقَاءِ لِأَنَّ الْمَلْحُوظَ فِي الْخُرُوجِ الْمُبَالَغَةُ فِي اجْتِمَاعِ النَّاسِ، وَذَلِكَ حَاصِلٌ فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ بِنَاءً عَلَى الْمَعْهُودِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ مِنْ عَدَمِ تَعَدُّدِ الْجَامِعِ، بِخِلَافِ مَا حَدَثَ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ فِي بِلَادِ مِصْرَ وَالشَّامِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ. وَقَدْ تَرْجَمَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذَلِكَ مَنِ اكْتَفَى بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ فِي خُطْبَةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَتَرْجَمَ لَهُ أَيْضًا الِاسْتِسْقَاءُ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ فَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ إِنِ اتَّفَقَ وُقُوعُ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ انْدَرَجَتْ خُطْبَةُ الِاسْتِسْقَاءِ وَصَلَاتُهَا فِي الْجُمُعَةِ، وَمَدَارُ الطُّرُقِ الثَّلَاثَةِ عَلَى شَرِيكٍ: فَالْأُولَى عَنْ أَبِي ضَمْرَةَ، وَالثَّانِيَةُ عَنْ مَالِكٍ، وَالثَّالِثَةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ شَرِيكٍ. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى عَنْ أَنَسٍ سَنُشِيرُ إِلَيْهَا عِنْدَ النَّقْلِ لِزَوَائِدِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: (أَنَّ رَجُلًا) لَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَتِهِ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ، وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مُرَّةَ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُفَسِّرَ هَذَا الْمُبْهَمَ بِأَنَّهُ كَعْبٌ الْمَذْكُورُ وَسَأَذْكُرُ بَعْضَ سِيَاقِهِ بَعْدَ قَلِيلٍ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ طَرِيقٍ مُرْسَلَةٍ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُفَسَّرَ بِأَنَّهُ خَارِجَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ، وَلَكِنْ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ شُرَحْبِيلَ بْنِ السَّمْطِ أَنَّهُ قَالَ لِكَعْبِ بْنِ مُرَّةَ: يَا كَعْبُ حَدِّثْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَاحْذَرْ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اسْتَسْقِ اللَّهَ عَزَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute