الْمُمْتَحِنَةِ لِكَوْنِهَا خَاصَّةً بِالنِّسَاءِ. وَفِيهِ جَوَازُ طَلَبِ الصَّدَقَةِ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ لِلْمُحْتَاجِينَ، وَلَوْ كَانَ الطَّالِبُ غَيْرَ مُحْتَاجٍ، وَأَخَذَ مِنْهُ الصُّوفِيَّةُ جَوَازَ مَا اصْطَلَحُوا عَلَيْهِ مِنَ الطَّلَبِ، وَلَا يَخْفَى مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ مِنْ أَنَّ الْمَطْلُوبَ لَهُ أَيَكُونُ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى التَّكَسُّبِ مُطْلَقًا أَوْ لِمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ. وَفِي مُبَادَرَةِ تِلْكَ النِّسْوَةِ إِلَى الصَّدَقَةِ بِمَا يَعِزُّ عَلَيْهِنَّ مِنْ حُلِيِّهِنَّ مَعَ ضِيقِ الْحَالِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ دَلَالَةٌ عَلَى رَفِيعِ مَقَامِهِنَّ فِي الدِّينِ وَحِرْصِهِنَّ عَلَى امْتِثَالِ أَمْرِ الرَّسُولِ ﷺ وَرَضِيَ عَنْهُنَّ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ بَقِيَّةُ فَوَائِدِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ.
٢٠ - بَاب إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ فِي الْعِيدِ
٩٨٠ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، قَالَتْ: كُنَّا نَمْنَعُ جَوَارِيَنَا أَنْ يَخْرُجْنَ يَوْمَ الْعِيدِ، فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِي خَلَفٍ، فَأَتَيْتُهَا فَحَدَّثَتْ أَنَّ زَوْجَ أُخْتِهَا غَزَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً، فَكَانَتْ أُخْتُهَا مَعَهُ فِي سِتِّ غَزَوَاتٍ، فَقَالَتْ: فَكُنَّا نَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى وَنُدَاوِي الْكَلْمَى، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى إِحْدَانَا بَأْسٌ - إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ - أَنْ لَا تَخْرُجَ؟ فَقَالَ: لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا فَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ حَفْصَةُ: فَلَمَّا قَدِمَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ أَتَيْتُهَا فَسَأَلْتُهَا: أَسَمِعْتِ فِي كَذَا وَكَذَا؟ قَالَتْ: نَعَمْ بِأَبِي - وَقَلَّمَا ذَكَرَتْ النَّبِيَّ ﷺ إِلَّا قَالَتْ: بِأَبِي - قَالَ: لِيَخْرُجْ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ - أَوْ قَالَ: الْعَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الْخُدُورِ، شَكَّ أَيُّوبُ - وَالْحُيَّضُ وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى، وَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَتْ: فَقُلْتُ لَهَا: آلْحُيَّضُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، أَلَيْسَ الْحَائِضُ تَشْهَدُ عَرَفَاتٍ، وَتَشْهَدُ كَذَا وَتَشْهَدُ كَذَا؟
قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَمُوَحَّدَتَيْنِ، تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ فِي بَابِ شُهُودِ الْحَائِضِ الْعِيدَيْنِ. قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: لَمْ يَذْكُرْ جَوَابَ الشَّرْطِ فِي التَّرْجَمَةِ حَوَالَةً عَلَى مَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ، اهـ.
وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ حَذَفَهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الِاحْتِمَالِ، فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِلْجِنْسِ، أَيْ تُعِيرُهَا مِنْ جِنْسِ ثِيَابِهَا، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ ابْنِ خُزَيْمَةَ: مِنْ جَلَابِيبِهَا، وَلِلتِّرْمِذِيِّ: فَلْتُعِرْهَا أُخْتُهَا مِنْ جَلَابِيبِهَا، وَالْمُرَادُ بِالْأُخْتِ الصَّاحِبَةُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ تُشْرِكُهَا مَعَهَا فِي ثَوْبِهَا، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُدَ: تُلْبِسُهَا صَاحِبَتُهَا طَائِفَةً مِنْ ثَوْبِهَا، يَعْنِي إِذَا كَانَ وَاسِعًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: ثَوْبِهَا جِنْسَ الثِّيَابِ فَيَرْجِعُ لِلْأَوَّلِ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ اشْتِمَالِ الْمَرْأَتَيْنِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ عِنْدَ التَّسَتُّرِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ ذُكِرَ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ، أَيْ يَخْرُجْنَ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَوِ اثْنَتَيْنِ فِي جِلْبَابٍ.
قَوْلُهُ: (قَالَتْ: نَعَمْ بِأَبَا) بِمُوَحَّدَتَيْنِ بَيْنَهُمَا هَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ وَالثَّانِيَةُ خَفِيفَةٌ، وَفِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَأَبِي الْوَقْتِ: بِأَبِي بِكَسْرِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأَصْلِ، أَيْ أَفْدِيهِ بِأَبِي، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ بِلَفْظِ: بَيْبِي بِإِبْدَالِ الْهَمْزَةِ يَاءً تَحْتَانِيَّةً، وَوَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِأَبِي وَأُمِّي.
قَوْلُهُ: (لِتَخْرُجَ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ عَلَى أَنَّهُ صِفَتُهُ، ولِلكُشْمِيهَنِيِّ: (أَوْ قَالَ: الْعَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الْخُدُورِ، شَكَّ أَيُّوبُ) يَعْنِي: هَلْ هُوَ بِوَاوِ الْعَطْفِ أَوْ لَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَحْوُهُ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ.
قَوْلُهُ: (فَقُلْتُ لَهَا) الْقَائِلَةُ الْمَرْأَةُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute