للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا﴾ قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : وَكَانَتْ الْأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا. قَالَ: وَجَاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ، فَنَقَرَ فِي الْبَحْرِ نَقْرَةً، فَقَالَ لَهُ الْخَضِرُ: مَا عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إِلَّا مِثْلُ مَا نَقَصَ هَذَا الْعُصْفُورُ مِنْ هَذَا الْبَحْرِ، ثُمَّ خَرَجَا مِنْ السَّفِينَةِ، فَبَيْنَا هُمَا يَمْشِيَانِ عَلَى السَّاحِلِ إِذْ أَبْصَرَ الْخَضِرُ غُلَامًا يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَأَخَذَ الْخَضِرُ رَأْسَهُ بِيَدِهِ، فَاقْتَلَعَهُ بِيَدِهِ، فَقَتَلَهُ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَاكِيَةً بِغَيْرِ نَفْسٍ؟ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا. قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا؟ قَالَ: وَهَذِهِ أَشَدُّ مِنْ الْأُولَى.

﴿قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا * فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ﴾ قَالَ: مَائِلٌ - فَقَامَ الْخَضِرُ فَأَقَامَهُ بِيَدِهِ، فَقَالَ مُوسَى: قَوْمٌ أَتَيْنَاهُمْ فَلَمْ يُطْعِمُونَا وَلَمْ يُضَيِّفُونَا، ﴿لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا * قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا﴾ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : وَدِدْنَا أَنَّ مُوسَى كَانَ صَبَرَ حَتَّى يَقُصَّ اللَّهُ عَلَيْنَا مِنْ خَبَرِهِمَا. قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ - صَالِحَةٍ - غَصْبًا، وَكَانَ يَقْرَأُ: وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ - كَافِرًا وَكَانَ - أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ. قَوْلُهُ (بَابُ قَوْلِهِ: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ﴾ اخْتُلِفَ فِي مَكَانِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، فَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: بَحْرُ فَارِسٍ وَالرُّومِ، وَعَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ مِثْلُهُ أَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ: هُمَا الْكَرُّ وَالرَّسُّ حَيْثُ يَصُبَّانِ فِي الْبَحْرِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: مَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ ذِرَاعٌ فِي أَرْضِ فَارِسٍ مِنْ جِهَةِ أَذْرَبِيجَانَ مِنَ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ مِنْ شِمَالَيْهِ إِلَى جَنُوبَيْهِ وَطَرَفَيْهِ مِمَّا يَلِي بَرَّ الشَّامِ. وَقِيلَ هُمَا بَحْرُ الْأُرْدُنِّ وَالْقَلْزَمِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: مَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ بِطَنْجَةَ. وَعَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ بَعْضُهُمْ: بَحْرُ أَرْمِينِيَّةَ.

وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: بِإِفْرِيقِيَةَ. أَخْرَجَهُمَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ لَكِنِ السَّنَدَ إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ضَعِيفٌ. وَهَذَا اخْتِلَافٌ شَدِيدٌ. وَأَغْرَبُ مِنْ ذَلِكَ مَا نَقَلَهُ الْقُرْطُبِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْمُرَادُ الْبَحْرَيْنِ اجْتِمَاعُ مُوسَى وَالْخَضِرِ لِأَنَّهُمَا بَحْرَا عِلْمٍ، وَهَذَا غَيْرُ ثَابِتٍ وَلَا يَقْتَضِيهِ اللَّفْظُ، وَإِنَّمَا يَحْسُنُ أَنْ يُذْكَرَ فِي مُنَاسَبَةِ اجْتِمَاعِهِمَا بِهَذَا الْمَكَانِ الْمَخْصُوصِ، كَمَا قَالَ السُّهَيْلِيُّ: اجْتَمَعَ الْبَحْرَانِ بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ.

قَوْلُهُ: ﴿أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا﴾ زَمَانًا، وَجَمْعُهُ أَحْقَابٌ) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: وَيُقَالُ فِيهِ أَيْضًا حِقْبَةٌ أَيْ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَالْجَمْعُ حِقَبٌ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: الْحِقَبُ الزَّمَانُ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الْحِقَبُ الدَّهْرُ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: الْحِقَبُ الْحِينُ أَخْرَجَهُمَا ابْنُ الْمُنْذِرِ. وَجَاءَ تَقْدِيرُهُ عَنْ غَيْرِهِمْ، فَرَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ ثَمَانُونَ سَنَةً، وَرَوَى عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ سَبْعُونَ. ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ قِصَّةَ مُوسَى وَالْخَضِرِ، وَسَأَذْكُرُ شَرْحَ ذَلِكَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ.

٣ - بَاب ﴿فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا﴾ مَذْهَبًا يَسْرُبُ: يَسْلُكُ، وَمِنْهُ ﴿وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾