٢ - بَاب التَّسْمِيَةِ عَلَى الطَّعَامِ وَالْأَكْلِ بِالْيَمِينِ
٥٣٧٦ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ: الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنِي، أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبَ بْنَ كَيْسَانَ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ يَقُولُ: كُنْتُ غُلَامًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يَا غُلَامُ، سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ، فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ.
[الحديث ٥٣٧٦ - طرفاه في: ٥٣٧٧، ٥٣٧٨]
قَوْلُهُ: (بَابُ التَّسْمِيَةِ عَلَى الطَّعَامِ، وَالْأَكْلُ بِالْيَمِينِ) الْمُرَادُ بِالتَّسْمِيَةِ عَلَى الطَّعَامِ، قَوْلُ: بِسْمِ اللَّهِ، فِي ابْتِدَاءِ الْأَكْلِ، وَأَصْرَحُ مَا وَرَدَ فِي صِفَةِ التَّسْمِيَةِ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ أُمِّ كُلْثُومٍ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا، فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ، فَإِنْ نَسِيَ فِي أَوَّلِهِ فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أُمَيَّةَ بْنِ مَخْشِيٍّ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ، وَأَمَّا قَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي أَدَبِ الْأَكْلِ مِنْ الْأَذْكَارِ: صِفَةُ التَّسْمِيَةِ مِنْ أَهَمِّ مَا يَنْبَغِي مَعْرِفَتُهُ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَإِنْ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، كَفَاهُ وَحَصَلَتِ السُّنَّةُ. فَلَمْ أَرَ لِمَا ادَّعَاهُ مِنَ الْأَفْضَلِيَّةِ دَلِيلًا خَاصًّا، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي آدَابِ الْأَكْلِ مِنَ الْإِحْيَاءِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ فِي كُلِّ لُقْمَةٍ بِسْمِ اللَّهِ كَانَ حَسَنًا، وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ مَعَ الْأُولَى: بِسْمِ اللَّهِ، وَمَعَ الثَّانِيَةِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ، وَمَعَ الثَّالِثَةِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَلَمْ أَرَ لِاسْتِحْبَابِ ذَلِكَ دَلِيلًا، وَالتَّكْرَارُ قَدْ بَيَّنَ هُوَ وَجْهَهُ بِقَوْلِهِ: حَتَّى لَا يَشْغَلَهُ الْأَكْلُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَالْأَكْلُ بِالْيَمِينِ فَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ، وَهُوَ يَتَنَاوَلُ مَنْ يَتَعَاطَى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، وَكَذَا بِغَيْرِهِ بِأَنْ يَحْتَاجَ إِلَى أَنْ يُلْقِمَهُ غَيْرُهُ، وَلَكِنَّهُ بِيَمِينِهِ لَا بِشِمَالِهِ.
قَوْلُهُ: (أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ: الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنِي) كَذَا وَقَعَ هُنَا وَهُوَ مِنْ تَأْخِيرِ الصِّيغَةِ عَنِ الرَّاوِي، وَهُوَ جَائِزٌ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدِهِ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِهِ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَّادٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْوَلِيدِ بِالْعَنْعَنَةِ، ثُمَّ قَالَ آخِرَهُ: فَسَأَلُوهُ عَنْ إِسْنَادِهِ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي سِيَاقِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ لَهُ عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ، وَلِسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ سَنَدٌ آخَرُ، أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ، وَابْنُ مَاجَهْ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ؛ كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَى هِشَامٍ فِي سَنَدِهِ، فَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ عَرَّجَ عَنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ لِذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ) أَيِ: ابْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، وَاسْمُ أَبِي سَلَمَةَ عَبْدُ اللَّهِ، وَأُمُّ عُمَرَ الْمَذْكُورِ هِيَ أُمُّ سَلَمَة زَوْجُ النَّبِيِّ ﷺ، وَلِذَلِكَ جَاءَ فِي آخِرِ الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ وَصْفُهُ بِأَنَّهُ رَبِيبُ النَّبِيِّ ﷺ.
قَوْلُهُ: (كُنْتُ غُلَامًا) أَيْ: دُونَ الْبُلُوغِ، يُقَالُ لِلصَّبِيِّ مِنْ حِينِ يُولَدُ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ الْحُلُمَ: غُلَامٌ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهُ وُلِدَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَتَبِعَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلِ الصَّوَابُ أَنَّهُ وُلِدَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَقَدْ صَحَّ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَعُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ مَعَ النِّسْوَةِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَكَانَ أَكْبَرَ مِنِّي بِسَنَتَيْنِ انْتَهَى. وَمَوْلِدُ ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى عَلَى الصَّحِيحِ، فَيَكُونُ مَوْلِدُ عُمَرَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَتَيْنِ.
قَوْلُهُ (: فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ، أَيْ: فِي تَرْبِيَتِهِ، وَتَحْتَ نَظَرِهِ، وَأَنَّهُ يُرَبِّيهِ فِي حِضْنِهِ تَرْبِيَةَ الْوَلَدِ، قَالَ عِيَاضٌ: الْحَجْرُ يُطْلَقُ عَلَى الْحِضْنِ وَعَلَى الثَّوْبِ فَيَجُوزُ فِيهِ الْفَتْحُ وَالْكَسْرُ، وَإِذَا أُرِيدَ بِهِ مَعْنَى الْحَضَانَةِ فَبِالْفَتْحِ لَا غَيْرِ، فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْمَنْعُ مِنَ التَّصَرُّفِ فَبِالْفَتْحِ فِي الْمَصْدَرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute