للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٢٩ - بَاب مَنَاقِبِ فَاطِمَةَ ، وَقَالَ النَّبِيُّ : فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ

٣٧٦٧ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: فَاطِمَةُ بِضْعَةٌ مِنِّي، فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي.

قَوْلُهُ: (بَابُ مَنَاقِبِ فَاطِمَةَ) أَيْ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ رضي الله تعالى عنها -، وَأُمُّهَا خَدِيجَةُ ، وُلِدَتْ فَاطِمَةُ فِي الْإِسْلَامِ، وَقِيلَ: قَبْلَ الْبَعْثَةِ، وَتَزَوَّجَهَا عَلِيٌّ بَعْدَ بَدْرٍ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ، وَوَلَدَتْ لَهُ وَمَاتَتْ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ بَعْدَ النَّبِيِّ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَقِيلَ: بَلْ عَاشَتْ بَعْدَهُ ثَمَانِيَةً وَقِيلَ: ثَلَاثَةً. وَقِيلَ: شَهْرَيْنِ. وَقِيلَ: شَهْرًا وَاحِدًا، وَلَهَا أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، فَقِيلَ: إِحْدَى، وَقِيلَ: خَمْسٍ، وَقِيلَ: تِسْعٍ، وَقِيلَ: عَاشَتْ ثَلَاثِينَ سَنَةً، وَسَيَأْتِي مِنْ مَنَاقِبِ فَاطِمَةَ فِي ذِكْرِ أُمِّهَا خَدِيجَةَ فِي أَوَّلِ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ.

وَأَقْوَى مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى تَقْدِيمِ فَاطِمَةَ عَلَى غَيْرِهَا مِنْ نِسَاءِ عَصْرِهَا وَمَنْ بَعْدَهُنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِ : إنَّهَا سَيِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ إِلَّا مَرْيَمَ، وَأَنَّهَا رُزِئَتْ بِالنَّبِيِّ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ بَنَاتِهِ فَإِنَّهُنَّ مُتْنَ فِي حَيَاتِهِ فَكُنَّ فِي صَحِيفَتِهِ وَمَاتَ هُوَ فِي حَيَاتِهَا فَكَانَ فِي صَحِيفَتِهَا، وَكُنْتُ أَقُولُ ذَلِكَ اسْتِنْبَاطًا إِلَى أَنْ وَجَدْتُهُ مَنْصُوصًا: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِ آلَ عِمْرَانَ مِنَ التَّفْسِيرِ الْكَبِيرِ مِنْ طَرِيقِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ: إِنَّ جَدَّتَهَا فَاطِمَةَ قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ يَوْمًا وَأَنَا عِنْدَ عَائِشَةَ فَنَاجَانِي فَبَكَيْتُ، ثُمَّ نَاجَانِي فَضَحِكْتُ، فَسَأَلَتْنِي عَائِشَةُ عَنْ ذَلِكَ، فَقُلْتُ: لَقَدْ عَلِمْتِ أَأُخْبِرُكِ بِسِرِّ رَسُولِ اللَّهِ ؟ فَتَرَكَتْنِي، فَلَمَّا تُوُفِّيَ سَأَلَتْ فَقُلْتُ: نَاجَانِي. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي مُعَارَضَةِ جِبْرِيلَ لَهُ بِالْقُرْآنِ مَرَّتَيْنِ وَأَنَّهُ قَالَ: أَحْسَبُ أَنِّي مَيِّتٌ فِي عَامِي هَذَا ; وَإنَّهُ لَمْ تُرْزَأِ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مِثْلَ مَا رُزِئْتِ، فَلَا تَكُونِي دُونَ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ صَبْرًا، فَبَكَيْتُ، فَقَالَ: أَنْتِ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَّا مَرْيَمَ فَضَحِكْتُ. قُلْتُ: وَأَصْلُ الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحِ دُونَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ النَّبِيُّ : فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ) هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ وَصَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ وَعِنْدَ الْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ: أَتَى النَّبِيَّ مَلَكٌ وَقَالَ: إِنَّ فَاطِمَةَ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي آخِرِ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ مِنْ ذِكْرِ مَرْيَم وَغَيْرِهَا مُشَارَكَةً لَهَا فِي ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ) كَذَا رَوَاهُ عَنْهُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَتَابَعَهُ اللَّيْثُ، وَابْنُ لَهِيعَةَ وَغَيْرُهُمَا، رَوَاهُ أَيُّوبُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ فَقَالَ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَقَالَ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ سَمِعَهُ مِنْهُمَا جَمِيعًا، وَرَجَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ طَرِيقَ الْمِسْوَرِ، وَالْأَوَّلُ أَثْبَتُ بِلَا رَيْبٍ لِأَنَّ الْمِسْوَرَ قَدْ رَوَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ قِصَّةً مُطَوَّلَةً قَدْ تَقَدَّمَتْ فِي بَابِ أَصْهَارِ النَّبِيِّ . نَعَمْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ الزُّبَيْرِ سَمِعَ هَذِهِ الْقِطْعَةَ فَقَطْ أَوْ سَمِعَهَا مِنَ الْمِسْوَرِ فَأَرْسَلَهَا.

قَوْلُهُ: (بَضْعَةٌ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَحُكِيَ ضَمُّهَا وَكَسْرُهَا أَيْضًا وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ قِطْعَةُ لَحْمٍ.

قَوْلُهُ: (فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي) اسْتَدَلَّ بِهِ السُّهَيْلِيُّ عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَّهَا فَإِنَّهُ يَكْفُرُ، وَتَوْجِيهُهُ أَنَّهَا تَغْضَبُ مِمَّنْ سَبَّهَا، وَقَدْ سَوَّى بَيْنَ غَضَبِهَا وَغَضَبِهِ وَمَنْ أَغْضَبَهُ يَكْفُرُ، وَفِي هَذَا التَّوْجِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى، وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ مَا يَتَعَلَّقُ بِفَضْلِهَا فِي تَرْجَمَةِ وَالِدَتِهَا خَدِيجَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَفِيهِ أَنَّهَا أَفْضَلُ بَنَاتِ النَّبِيِّ وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ مَجِيءِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ بِزَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ مِنْ مَكَّةَ وَفِي آخِرِهِ قَالَ النَّبِيُّ : هِيَ أَفْضَلُ