للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حَيْثُ أَنْشَأَ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ.

قَوْلُهُ: (بَابُ مُهَلِّ أَهْلِ الْيَمَنِ) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَقَدْ سَبَقَ مَا فِيهِ.

(تَكْمِيلٌ): حَكَى الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ سُئِلَ فِي أَيِّ سَنَةٍ وَقَّتَ النَّبِيُّ الْمَوَاقِيتَ؟ فَقَالَ: عَامَ حَجَّ، انْتَهَى. وَقَدْ سَبَقَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي الْعِلْمِ بِلَفْظِ أَنَّ رَجُلًا قَامَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِنْ أَيْنَ تَأْمُرُنَا أَنْ نُهِلَّ؟

١٣ - بَاب ذَاتُ عِرْقٍ لِأهْلِ الْعِرَاقِ

١٥٣١ - حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا فُتِحَ هَذَانِ الْمِصْرَانِ أَتَوْا عُمَرَ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ حَدَّ لِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا وَهُوَ جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا، وَإِنَّا إِنْ أَرَدْنَا قَرْنًا شَقَّ عَلَيْنَا. قَالَ: فَانْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ. فَحَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ.

قَوْلُهُ: (بَابُ ذَاتِ عِرْقٍ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ) هِيَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا قَافٌ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ فِيهِ عِرْقًا؛ وَهُوَ الْجَبَلُ الصَّغِيرُ، وَهِيَ أَرْضٌ سَبِخَةٌ تُنْبِتُ الطَّرْفَاءَ، بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ، وَالْمَسَافَةُ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا، وَهُوَ الْحَدُّ الْفَاصِلُ بَيْنَ نَجْدٍ وَتِهَامَةَ.

قَوْلُهُ: (لَمَّا فُتِحَ هَذَانِ الْمِصْرَانِ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِضَمِّ فُتِحَ عَلَى الْبِنَاءِ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: لَمَّا فَتَحَ هَذَيْنِ الْمِصْرَيْنِ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالتَّاءِ عَلَى حَذْفِ الْفَاعِلِ، وَالتَّقْدِيرُ: لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ. وَكَذَا ثَبَتَ فِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ وَبِهِ جَزَمَ عِيَاضٌ. وَأَمَّا ابْنُ مَالِكٍ فَقَالَ: تَنَازَعَ فَتَحَ وَأَتَوْا، وَهُوَ عَلَى إِعْمَالِ الثَّانِي وَإِسْنَادِ الْأَوَّلِ إِلَى ضَمِيرِ عُمَرَ. وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مُخْتَصَرًا، وَزَادَ فِي الْإِسْنَادِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ حَدَّ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ. وَالْمِصْرَانِ تَثْنِيَةُ مِصْرَ، وَالْمُرَادُ بِهِمَا الْكُوفَةُ وَالْبَصْرَةُ، وَهُمَا سُرَّتَا الْعِرَاقِ. وَالْمُرَادُ بِفَتْحِهِمَا غَلَبَةُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَكَانِ أَرْضِهِمَا، وَإِلَّا فَهُمَا مِنْ تَمْصِيرِ الْمُسْلِمِينَ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ جَوْرٌ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا رَاءٌ؛ أَيْ مَيْلٌ. وَالْجَوْرُ الْمَيْلُ عَنِ الْقَصْدِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمِنْهَا جَائِرٌ﴾

قَوْلُهُ: (فَانْظُرُوا حَذْوَهَا)؛ أَيِ اعْتَبِرُوا مَا يُقَابِلُ الْمِيقَاتَ مِنَ الْأَرْضِ الَّتِي تَسْلُكُونَهَا مِنْ غَيْرِ مَيْلٍ فَاجْعَلُوهُ مِيقَاتًا، وَظَاهِرُهُ أَنَّ عُمَرَ حَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ، وَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ: لَمْ يُوَقِّتْ رَسُولُ اللَّهِ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ شَيْئًا، فَاتَّخَذَ النَّاسُ بِحِيَالِ قَرْنٍ ذَاتَ عِرْقٍ. وَرَوَى أَحْمَدُ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَغَيْرِهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فَذَكَرَ حَدِيثَ الْمَوَاقِيتِ وَزَادَ فِيهِ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَآثَرَ النَّاسُ ذَاتَ عِرْقٍ عَلَى قَرْنٍ. وَلَهُ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ صَدَقَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فَذَكَرَ حَدِيثَ الْمَوَاقِيتِ؛ قَالَ: فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: فَأَيْنَ الْعِرَاقُ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ عِرَاقٌ. وَسَيَأْتِي فِي الِاعْتِصَامِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمْ يَكُنْ عِرَاقٌ يَوْمَئِذٍ، وَوَقَعَ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ قَرْنًا. قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: قَالَ لِي بَعْضُهُمْ: إِنَّ مَالِكًا مَحَاهُ مِنْ كِتَابِهِ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ. قُلْتُ: وَالْإِسْنَادُ إِلَيْهِ ثِقَاتٌ أَثْبَاتٌ، وَأَخْرَجَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهُ، وَهُوَ غَرِيبٌ جِدًّا، وَحَدِيثُ الْبَابِ يَرُدُّهُ.

وَرَوَى الشَّافِعِيُّ مِنْ طَرِيقِ طَاوُسٍ قَالَ: لَمْ يُوَقِّتْ رَسُولُ اللَّهِ ذَاتَ عِرْقٍ، وَلَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ أَهْلُ الْمَشْرِقِ وَقَالَ فِي الْأُمِّ: لَمْ يَثْبُتْ عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ حَدَّ ذَاتَ عِرْقٍ، وَإِنَّمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ النَّاسَ. وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِيقَاتَ ذَاتِ عِرْقٍ لَيْسَ