اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ﴾. وَزَادَ غَيْرُ أَبِي ذَرٍّ: إِلَى قَوْلِهِ: ﴿تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ، وَهَلْ نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي تَحْرِيمِ مَارِيَةَ أَوْ فِي تَحْرِيمِ شُرْبِ الْعَسَلِ، وَإِلَى الثَّانِي أَشَارَ الْمُصَنِّفُ حَيْثُ سَاقَهُ فِي الْبَابِ. وَيُؤْخَذُ حُكْمُ الطَّعَامِ مِنْ حُكْمِ الشَّرَابِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: اخْتُلِفَ فِيمَنْ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ طَعَامًا أَوْ شَرَابًا يَحِلُّ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَتَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَبِهَذَا قَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ إِلَّا إِنْ حَلَفَ، وَإِلَى تَرْجِيحِ هَذَا الْقَوْلِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِإِيرَادِ الْحَدِيثِ لِقَوْلِهِ: وَقَدْ حَلَفْتُ وَهُوَ قَوْلُ مَسْرُوقٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَمَالِكٍ، لَكِنِ اسْتَثْنَى مَالِكٌ الْمَرْأَةَ، فَقَالَ: تَطْلُقُ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي: الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالْأَمَةِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: امْرَأَتِي عَلَيَّ حَرَامٌ فَهُوَ فِرَاقٌ الْتَزَمَهُ فَتَطْلُقُ، وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْلِفَ فَإِنَّهُ أَلْزَمَ نَفْسَهُ مَا لَمْ يَلْزَمْهُ فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ أَمَتُهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَقَعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ إِذَا لَمْ يَحْلِفْ إِلَّا إِذَا نَوَى الطَّلَاقَ فَتَطْلُقُ أَوِ الْعِتْقَ فَتُعْتَقُ وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ
قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ - تَعَالَى -: ﴿لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ الثَّوْرِيُّ فِي جَامِعِهِ وَابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ جِيءَ عِنْدَهُ بِطَعَامٍ فَتَنَحَّى رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنِّي حَرَّمْتُهُ أَنْ لَا آكُلَهُ، فَقَالَ: إِذَنْ فَكُلْ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ إِلَى قَوْلِهِ: لَا تَعْتَدُوا. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَقَدْ تَمَسَّكَ بَعْضُ مَنْ أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ وَلَوْ لَمْ يَحْلِفْ بِمَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى فِي قِصَّةِ الرَّجُلِ الْجَرْمِيِّ وَالدَّجَاجِ، وَتِلْكَ رِوَايَةٌ مُخْتَصَرَةٌ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ الرَّجُلَ قَالَ: حَلَفْتُ أَنْ لَا آكُلَهُ. قُلْتُ: وَقَدْ أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ فِي الصَّحِيحَيْنِ كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هُوَ الزَّعْفَرَانِيُّ، وَالْحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ هُوَ الْمِصِّيصِيُّ.
قَوْلُهُ: (زَعَمَ عَطَاءٌ)، وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ حَجَّاجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، وَكَذَا فِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ يُوسُفَ الْمَذْكُورَةِ فِي آخِرِ الْبَابِ.
قَوْلُهُ: فِي آخِرِ الْبَابِ: فَنَزَلَتْ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ - ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ﴾ - لِعَائِشَةَ، وَحَفْصَةَ. ﴿وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا﴾ لِقَوْلِهِ: بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا، قُلْتُ: أَشْكَلَ هَذَا السِّيَاقُ عَلَى بَعْضِ مَنْ لَمْ يُمَارِسْ طَرِيقَةَ الْبُخَارِيِّ فِي الِاخْتِصَارِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْحَدِيثَ فِي الْأَصْلِ عِنْدَهُ بِتَمَامِهِ كَمَا تَقَدَّمَ [فِي التَّفْسِيرِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ]، فَلَمَّا أَرَادَ اخْتِصَارَهُ هُنَا اقْتَصَرَ مِنْهُ عَلَى الْكَلِمَاتِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْيَمِينِ مِنَ الْآيَاتِ مُضِيفًا لَهَا تَسْمِيَةَ مَنْ أُبْهِمَ فِيهَا مِنْ آدَمِيٍّ وَغَيْرِهِ، فَلَمَّا ذَكَرَ: ﴿إِنْ تَتُوبَا﴾ فَسَّرَهُمَا بِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ، وَلَمَّا ذَكَرَ: أَسَرَّ حَدِيثًا فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ: لَا بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا
قَوْلُهُ: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ: قَالَ لِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي التَّفْسِيرِ بِلَفْظِ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى
قَوْلُهُ: عَنْ هِشَامٍ، هُوَ ابْنُ يُوسُفَ وَصَرَّحَ بِهِ فِي التَّفْسِيرِ، وَقَدِ اخْتَصَرَ هُنَا بَعْضَ السَّنَدِ وَمُرَادُهُ أَنَّ هِشَامًا رَوَاهُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ وَالْمَتْنُ إِلَى قَوْلِهِ: وَلَنْ أَعُودَ، فَزَادَ لَهُ: وَقَدْ حَلَفْتُ فَلَا تُخْبِرِي بِذَلِكَ أَحَدًا
٢٦ - بَاب الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ، وَقَوْلِهِ: ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ﴾
٦٦٩٢ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ ﵄ يَقُولُ: أَوَلَمْ يُنْهَوْا عَنْ النَّذْرِ؟ إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: إِنَّ النَّذْرَ لَا يُقَدِّمُ شَيْئًا وَلَا يُؤَخِّرُ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِالنَّذْرِ مِنْ الْبَخِيلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute