عِيَاضٌ: كَرِهَ السَّلَفُ مَسْحَ الْجَبْهَةِ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ الِانْصِرَافِ. قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ صِفَةِ الصَّلَاةِ حِكَايَةُ اسْتِدْلَالِ الْحُمَيْدِيِّ لِذَلِكَ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِي رُؤْيَتِهِ الْمَاءَ وَالطِّينَ فِي جَبْهَةِ النَّبِيِّ ﷺ بَعْدَ أَنِ انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ.
قَوْلُهُ: (فَوَاحِدَةً) بِالنَّصْبِ عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ؛ أَيْ فَامْسَحْ وَاحِدَةً، أَوْ عَلَى النَّعْتِ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى إِضْمَارِ الْخَبَرِ، أَيْ فَوَاحِدَةٌ تَكْفِي، أَوْ إِضْمَارِ الْمُبْتَدَأِ؛ أَيْ فَالْمَشْرُوعُ وَاحِدَةٌ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ: إِنْ كُنْتَ فَاعِلًا فَمَرَّةً وَاحِدَةً.
٩ - بَاب بَسْطِ الثَّوْبِ فِي الصَّلَاةِ لِلسُّجُودِ
١٢٠٨ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرٌ، حَدَّثَنَا غَالِبٌ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵁ قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ وَجْهَهُ مِنْ الْأَرْضِ بَسَطَ ثَوْبَهُ فَسَجَدَ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ بَسْطِ الثَّوْبِ فِي الصَّلَاةِ لِلسُّجُودِ) هَذِهِ التَّرْجَمَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْعَمَلِ الْيَسِيرِ فِي الصَّلَاةِ أَيْضًا، وَهُوَ أَنْ يَتَعَمَّدَ إِلْقَاءَ الثَّوْبِ عَلَى الْأَرْضِ لِيَسْجُدَ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي أَوَائِلِ الصَّلَاةِ، وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ وَتَفْرِقَةِ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الثَّوْبِ الَّذِي هُوَ لَابِسُهُ أَوْ غَيْرُ لَابِسِهِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا بِشْرٌ) هُوَ ابْنُ الْمُفَضَّلِ، وَغَالِبٌ هُوَ الْقَطَّانُ، كَمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ.
١٠ - بَاب مَا يَجُوزُ مِنْ الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ
١٢٠٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: كُنْتُ أَمُدُّ رِجْلِي فِي قِبْلَةِ النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ يُصَلِّي، فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي، فَرَفَعْتُهَا، فَإِذَا قَامَ مَدَدْتُهَا.
قَوْلُهُ: (بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ، أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي نَوْمِهَا فِي قِبْلَةِ النَّبِيِّ ﷺ وَغَمْزِهِ لَهَا إِذَا سَجَدَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابِ الصَّلَاةِ عَلَى الْفِرَاشِ فِي أَوَائِلِ الصَّلَاةِ.
١٢١٠ - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ صَلَّى صَلَاةً قَالَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ عَرَضَ لِي فَشَدَّ عَلَيَّ لِيَقْطَعَ الصَّلَاةَ عَلَيَّ، فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ فَذَعَتُّهُ، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أُوثِقَهُ إِلَى سَارِيَةٍ حَتَّى تُصْبِحُوا فَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ سُلَيْمَانَ ﵇: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي﴾ فَرَدَّهُ اللَّهُ خَاسِئا، ثُمَّ قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: فَذَعَتُّهُ بِالذَّالِ، أَيْ خَنَقْتُهُ. وَفَدَعَّتُّهُ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ: ﴿يَوْمَ يُدَعُّونَ﴾ أَيْ يُدْفَعُونَ. وَالصَّوَابُ فَدَعَتُّهُ، إِلَّا أَنَّهُ كَذَا قَالَ بِتَشْدِيدِ الْعَيْنِ وَالتَّاءِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ) هُوَ ابْنُ غَيْلَانَ، وَشَبَابَةُ بِمُعْجَمَةٍ وَمُوَحَّدَتَيْنِ الْأُولَى خَفِيفَةٌ.
قَوْلُهُ: (إِنَّ الشَّيْطَانَ عَرَضَ) تَقَدَّمَ فِي بَابِ رَبْطِ الْغَرِيمِ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ شُعْبَةَ بِلَفْظِ: إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ تَفَلَّتَ عَلَيَّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّيْطَانِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ غَيْرُ إِبْلِيسَ كَبِيرِ الشَّيَاطِينِ.
قَوْلُهُ: (فَشَدَّ عَلَيَّ) بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ حَمَلَ.
قَوْلُهُ: (لِيَقْطَعَ) فِي رِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ، وَالْمُسْتَمْلِي بِحَذْفِ اللَّامِ.
قَوْلُهُ: (فَذَعَتُّهُ) يَأْتِي ضَبْطُهُ بَعْدُ.
قَوْلُهُ: (فَتَنْظُرُوا) فِي رِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ،