للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مَا قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: اتِّفَاقُ الْحُفَّاظِ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى ذِكْرِ الْبِئْرِ دُونَ النَّارِ، وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ أَنَّ عَلَامَةَ الْمُنْكَرِ فِي حَدِيثِ الْمُحَدِّثِ أَنْ يَعْمِدَ إِلَى مَشْهُورٍ بِكَثْرَةِ الْحَدِيثِ وَالْأَصْحَابِ فَيَأْتِي عَنْهُ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُمْ وَهَذَا مِنْ ذَاكَ، وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا أَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بِلَفْظِ: وَالْجُبُّ جُبَارٌ بِجِيمٍ مَضْمُومَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ ثَقِيلَةٍ وَهِيَ الْبِئْرُ، وَقَدِ اتَّفَقَ الْحُفَّاظُ عَلَى تَغْلِيطِ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ حَيْثُ رَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي حَدِيثِ الْبَابِ الرِّجْلُ جُبَارٌ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا أَنَّ الزُّهْرِيَّ مُكْثِرٌ مِنَ الْحَدِيثِ وَالْأَصْحَابِ فَتَفَرَّدَ سُفْيَانُ عَنْهُ بِهَذَا اللَّفْظِ فَعُدَّ مُنْكَرًا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَصِحُّ هَذَا.

وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: رَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:، سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْأَعْرَجُ، وَأَبُو صَالِحٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ فَلَمْ يَذْكُرُوهَا، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَصْحَابُ الزُّهْرِيِّ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ: نَعَمِ؛ الْحُكْمُ الَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ صَحِيحٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يُتَلَقَّى مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى مِنَ الْإِلْحَاقِ بِالْعَجْمَاءِ وَيَلْتَحِقُ بِهِ كُلُّ جَمَادٍ، فَلَوْ أَنَّ شَخْصًا عَثَرَ فَوَقَعَ رَأْسُهُ فِي جِدَارٍ فَمَاتَ أَوِ انْكَسَرَ لَمْ يَجِبْ عَلَى صَاحِبِ الْجِدَارِ شَيْءٌ.

قَوْلُهُ: (وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ) وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَسْوَدِ بْنِ الْعَلَاءِ عِنْدَ مُسْلِمٍ: وَالْمَعْدِنُ جَرْحُهَا جُبَارٌ وَالْحُكْمُ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْبِئْرِ لَكِنَّ الْبِئْرَ مُؤَنَّثَةٌ وَالْمَعْدِنُ مُذَكَّرٌ فَكَأَنَّهُ ذَكَرَهُ بِالتَّأْنِيثِ لِلْمُؤَاخَاةِ أَوْ لِمُلَاحَظَةِ أَرْضِ الْمَعْدِنِ، فَلَوْ حَفَرَ مَعْدِنًا فِي مِلْكِهِ أَوْ فِي مَوَاتٍ فَوَقَعَ فِيهِ شَخْصٌ فَمَاتَ فَدَمُهُ هَدَرٌ، وَكَذَا لَوِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا يَعْمَلُ لَهُ فَانْهَارَ عَلَيْهِ فَمَاتَ، وَيَلْتَحِقُ بِالْبِئْرِ وَالْمَعْدِنِ فِي ذَلِكَ كُلُّ أَجِيرٍ عَلَى عَمَلٍ كَمَنِ اسْتُؤْجِرَ عَلَى صُعُودِ نَخْلَةٍ فَسَقَطَ مِنْهَا فَمَاتَ.

قَوْلُهُ: (وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ) تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ

٢٩ - بَاب الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: كَانُوا لَا يُضَمِّنُونَ مِنْ النَّفْحَةِ، وَيُضَمِّنُونَ مِنْ رَدِّ الْعِنَانِ. وَقَالَ حَمَّادٌ: لَا تُضْمَنُ النَّفْحَةُ إِلَّا أَنْ يَنْخُسَ إِنْسَانٌ الدَّابَّةَ. وَقَالَ شُرَيْحٌ: لَا تُضْمَنُ مَا عَاقَبَتْ أَنْ يَضْرِبَهَا فَتَضْرِبَ بِرِجْلِهَا. وَقَالَ الْحَكَمُ وَحَمَّادٌ: إِذَا سَاقَ الْمُكَارِي حِمَارًا عَلَيْهِ امْرَأَةٌ فَتَخِرُّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: إِذَا سَاقَ دَابَّةً فَأَتْعَبَهَا فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَتْ، وَإِنْ كَانَ خَلْفَهَا مُتَرَسِّلًا لَمْ يَضْمَنْ.

٦٩١٣ - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: الْعَجْمَاءُ عَقْلُهَا جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ.

قَوْلُهُ: (بَابُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ) أَفْرَدَهَا بِتَرْجَمَةٍ لِمَا فِيهَا مِنَ التَّفَارِيعِ الزَّائِدَةِ عَنِ الْبِئْرِ وَالْمَعْدِنِ، وَتَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ كَانُوا لَا يُضَمِّنُونَ) بِالتَّشْدِيدِ (مِنَ النَّفْحَةِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْفَاءِ ثُمَّ حَاءٍ مُهْمَلَةٍ، أَيِ: الضَّرْبَةِ بِالرِّجْلِ، يُقَالُ: نَفَحَتِ الدَّابَّةُ إِذَا ضَرَبَتْ بِرِجْلِهَا، وَنَفَحَ بِالْمَالِ رَمَى بِهِ، وَنَفَحَ عَنْ فُلَانٍ، وَنَافَحَ: دَفَعَ وَدَافَعَ.

قَوْلُهُ: (وَيُضَمِّنُونَ مِنْ رَدِّ الْعِنَانِ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ نُونٍ خَفِيفَةٍ هُوَ مَا يُوضَعُ فِي فَمِ الدَّابَّةِ لِيَصْرِفَهَا الرَّاكِبُ كَمَا يَخْتَارُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الدَّابَّةَ إِذَا كَانَتْ مَرْكُوبَةً فَلَفَتَ الرَّاكِبُ عِنَانَهَا فَأَصَابَتْ بِرِجْلِهَا شَيْئًا ضَمِنَهُ الرَّاكِبُ، وَإِذَا ضَرَبَتْ بِرِجْلِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي ذَلِكَ تَسَبُّبٌ لَمْ يَضْمَنْ، وَهَذَا الْأَثَرُ وَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ هُشَيْمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَهَذَا سَنَدٌ صَحِيحٌ، وَأَسْنَدَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ نَحْوَهُ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ حَمَّادٌ لَا تُضْمَنُ النَّفْحَةُ إِلَّا أَنْ يَنْخُسَ) بِنُونٍ وَمُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ أَيْ يَطْعُنَ.

قَوْلُهُ: (إِنْسَانٌ الدَّابَّةَ) هُوَ